الدرس الثالث عشر من شرح كتاب الأخضري رحمه الله
تقديم الشيخ : محمد ولد المصطفى الأنصاري
آداب إسـلامـية. الترغيب في العلم قبل العمل قال المؤلف رحمه :
وَلاَ يَحِلُّ الْفِعْلُ حَتَّى يَعْلَمَا ** حُكْمَ الإِلَهِ بِسُؤَالِ الْعُلَمَا وَيَقْتَدِي بِالْعُلَمَاءِ الْعَامِلِينْ ** التَّابِعِي سُنَّةِ خَيْرِ الْمُرْسَلِينْ اْلأُلَى يَدُّلونَ عَلَى الرَّحْمَنِ ** يُحَذِّرُونَ طُرُقَ الشَّيْطَانِ لاَ تَرْضَ مَا رَضِيَهُ الْمُفلّسُ ** مَنْ ضَاعَ عُمْرُهُ بِعِصْيَانٍ وَسُو يَا حَسْرَةَ الْعُصَاةِ فِي الْقِيَامَةْ ** مَا أَطْوَلَ الْبُكَاءَ وَالنَّدَامَةْ نَسْأَلُهُ سُبْحَانَهُ تَوْفِيقَنَا ** لِسُنَّةِ الْهَادِي وَخَتْماً حَسَنَا . الشرح : ولا يحل للمسلم أن يفعل فعلا حتى يعلم حكم الله فيه، أي ينبغي للإنسان خصوصا العالم أن لا يقدم على فعل أمر ولا يخطو خطوة إلا إن علم حكم الله فيما يفعله أو يخطر إليه، ولا يكون ذلك إلا بتعلم العلم الشرعي من الكتاب والسنة أو الفقه المأخوذ منهما َ، قالَ البُخَارِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: بَابُ العِلْمُ قبل القول والعمل. والدليل: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ}، فبدأ بالعلم قبل القول والعمل فلابد من العلم قبل العمل، وأيّ عملٍ لا يبنى على علم فهو لا يزيد صاحبه من الله إلا بعداً؛ لأنه إحداث وابتداع وضلال. سئل سفيان بن عيينة رحمه الله عن فضل العلم فقال: ألم ترَ كيف بدأ الله بالعلم؟ يعني: في قوله: (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ} ، فيكفي في بيان فضل العلم أن الله بدأ به قبل العمل، فالواجب على المؤمن أن يحفل بالعلم، وأن يجتهد فيه، ويبذل فيه مهجته ووقته وعمره، وألا يبخل عليه بشيء؛ لأن العلم تزكو به الأخلاق، وتصلح به الأعمال، ويرفع الله به ذكر العبد في الدنيا والآخرة، كما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين) رواه مسلم . تعظيم السنة وتعلمها واتباعها فريضة محكمة وواجب عظيم قال الله تعالى : } وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ { وقال : } لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا { وتعظيم السنة أعظم الأسباب الجالبة لمحبة الله ولمغفرة الذنوب قال الله تعالى : } قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ { ودعا عليه الصلاة والسلام بالنضارة لمن حفظ السنة وبلغها وعلَّمها قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : " نضر الله امرأ سمع منا حديثا فحفظه حتى يبلغه فرب مبلغ أحفظ له من سامع " رواه أحمد وغيره وصححه الألباني ، وقال : " كل أمتي يدخلـون الجنة إلا من أبى قالـوا يا رسـول الله ومن يأبى قال من أطاعني دخل الجنـة ومن عصاني فقد أبى " رواه البخاري وغيره ، وقال عليه الصلاة والسلام في خطبته في حجة الوداع : " يا أيها الناس أني قد تركت فيكـم ما إن اعتصمتم به فلن تضلـوا أبدا كتاب الله وسنة نبيه صلي الله عليه وسلم " رواه مالك والحاكم وصححه الألباني ، ( ويسأل العلماء ) أي فيما لم يهتد إلى حكم الله فيه. ( ويقتدي المتبعين لسنة محمد صلى الله عليه وسلم ) قال تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اتَّقوا الله وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقين} ، وهم من غاصت أقدامهم في بحار الشريعة، فاستخرجوا نفائس الأحكام ومكارم الأخلاق ووسعتهم السنة فلم يعدلوا عنها إلى البدعة .( ولا يرضى لنفسه ما رضيه المفلسون الذين ضاعت أعمارهم في غير طاعة الله تعالى ) المفلس من يأتي يوم القيامة بصلاة وزكاة وصيام وعليه من التبعات والحقوق ما يستأصل ما عمل، أي تستأصل جميع أعماله الخيرية، بل يطرح عليه من سيئات غيره، وحسبك قوله عليه الصلاة والسلام: " إنما المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة وقد شتم هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا، فيعطي هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ" رَوَاهُ مُسْلِمٌ. ( فيا حسرتهم ويا طول بكائهم يوم القيامة ) ولات حين مناص، ولا تخلص ولا كرة إلى الدنيا حتى يتداركوا ما أفسدت يد الغفلات. ، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا لاتباع سنة نبينا وشفيعنا محمد صلى الله عليه وسلم ) وأن يوفقنا لكل خير في الدنيا والآخرة .
تقديم الشيخ : محمد ولد المصطفى الأنصاري
آداب إسـلامـية. الترغيب في العلم قبل العمل قال المؤلف رحمه :
وَلاَ يَحِلُّ الْفِعْلُ حَتَّى يَعْلَمَا ** حُكْمَ الإِلَهِ بِسُؤَالِ الْعُلَمَا وَيَقْتَدِي بِالْعُلَمَاءِ الْعَامِلِينْ ** التَّابِعِي سُنَّةِ خَيْرِ الْمُرْسَلِينْ اْلأُلَى يَدُّلونَ عَلَى الرَّحْمَنِ ** يُحَذِّرُونَ طُرُقَ الشَّيْطَانِ لاَ تَرْضَ مَا رَضِيَهُ الْمُفلّسُ ** مَنْ ضَاعَ عُمْرُهُ بِعِصْيَانٍ وَسُو يَا حَسْرَةَ الْعُصَاةِ فِي الْقِيَامَةْ ** مَا أَطْوَلَ الْبُكَاءَ وَالنَّدَامَةْ نَسْأَلُهُ سُبْحَانَهُ تَوْفِيقَنَا ** لِسُنَّةِ الْهَادِي وَخَتْماً حَسَنَا . الشرح : ولا يحل للمسلم أن يفعل فعلا حتى يعلم حكم الله فيه، أي ينبغي للإنسان خصوصا العالم أن لا يقدم على فعل أمر ولا يخطو خطوة إلا إن علم حكم الله فيما يفعله أو يخطر إليه، ولا يكون ذلك إلا بتعلم العلم الشرعي من الكتاب والسنة أو الفقه المأخوذ منهما َ، قالَ البُخَارِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: بَابُ العِلْمُ قبل القول والعمل. والدليل: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ}، فبدأ بالعلم قبل القول والعمل فلابد من العلم قبل العمل، وأيّ عملٍ لا يبنى على علم فهو لا يزيد صاحبه من الله إلا بعداً؛ لأنه إحداث وابتداع وضلال. سئل سفيان بن عيينة رحمه الله عن فضل العلم فقال: ألم ترَ كيف بدأ الله بالعلم؟ يعني: في قوله: (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ} ، فيكفي في بيان فضل العلم أن الله بدأ به قبل العمل، فالواجب على المؤمن أن يحفل بالعلم، وأن يجتهد فيه، ويبذل فيه مهجته ووقته وعمره، وألا يبخل عليه بشيء؛ لأن العلم تزكو به الأخلاق، وتصلح به الأعمال، ويرفع الله به ذكر العبد في الدنيا والآخرة، كما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين) رواه مسلم . تعظيم السنة وتعلمها واتباعها فريضة محكمة وواجب عظيم قال الله تعالى : } وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ { وقال : } لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا { وتعظيم السنة أعظم الأسباب الجالبة لمحبة الله ولمغفرة الذنوب قال الله تعالى : } قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ { ودعا عليه الصلاة والسلام بالنضارة لمن حفظ السنة وبلغها وعلَّمها قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : " نضر الله امرأ سمع منا حديثا فحفظه حتى يبلغه فرب مبلغ أحفظ له من سامع " رواه أحمد وغيره وصححه الألباني ، وقال : " كل أمتي يدخلـون الجنة إلا من أبى قالـوا يا رسـول الله ومن يأبى قال من أطاعني دخل الجنـة ومن عصاني فقد أبى " رواه البخاري وغيره ، وقال عليه الصلاة والسلام في خطبته في حجة الوداع : " يا أيها الناس أني قد تركت فيكـم ما إن اعتصمتم به فلن تضلـوا أبدا كتاب الله وسنة نبيه صلي الله عليه وسلم " رواه مالك والحاكم وصححه الألباني ، ( ويسأل العلماء ) أي فيما لم يهتد إلى حكم الله فيه. ( ويقتدي المتبعين لسنة محمد صلى الله عليه وسلم ) قال تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اتَّقوا الله وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقين} ، وهم من غاصت أقدامهم في بحار الشريعة، فاستخرجوا نفائس الأحكام ومكارم الأخلاق ووسعتهم السنة فلم يعدلوا عنها إلى البدعة .( ولا يرضى لنفسه ما رضيه المفلسون الذين ضاعت أعمارهم في غير طاعة الله تعالى ) المفلس من يأتي يوم القيامة بصلاة وزكاة وصيام وعليه من التبعات والحقوق ما يستأصل ما عمل، أي تستأصل جميع أعماله الخيرية، بل يطرح عليه من سيئات غيره، وحسبك قوله عليه الصلاة والسلام: " إنما المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة وقد شتم هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا، فيعطي هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ" رَوَاهُ مُسْلِمٌ. ( فيا حسرتهم ويا طول بكائهم يوم القيامة ) ولات حين مناص، ولا تخلص ولا كرة إلى الدنيا حتى يتداركوا ما أفسدت يد الغفلات. ، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا لاتباع سنة نبينا وشفيعنا محمد صلى الله عليه وسلم ) وأن يوفقنا لكل خير في الدنيا والآخرة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق