الدرس الخامس والعشرون من شرح كتاب الأخضري رحمه الله تقديم الشيخ : محمد ولد المصطفى الأنصاري
قال المؤلف رحمه الله :
الـتـيـمـم
ذُو سَفَرٍ أُبِيحَ أَوْ ذُو مَرَضِ ** تَيَمَّمَا لِلنَّفْلِ وَ الْمفْتَرَضِ وَحَاضِرٌ صَحَّ لِفَرْضٍ إِنْ عَدِمْ ** مَا كَافِياً أَوْ خَوْفَ وَقْتِهِ عَلِمْ . لاَ النَّفْلِ وَالْجُمْعَةِ وَالْجِنَاَزْة ** إِلاَّ إِذَا تَعَيَّنَتْ جِنَازَةْ
الشرح
التيمم لغة القصد قال تعالى ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه ) أي : لا تقصدوا الخبيث من أموالكم الذي لو أعطاكم أحد منه شيء ما قبلتموه ولا أخذتموه . وشرعاً طهارة ترابية تشتمل على مسح الوجه واليدين بنية رفع الحدث الأصغر ، والمراد بالتراب جنس الأرض فيشمل الحجر وغيره ، والتيمم من خصائص هذه الأمة .قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مَّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ} ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: " خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْبَيْدَاءِ أَوْ بِذَاتِ الجَيْشِ انْقَطَعَ عِقْدٌ لِي، فَأَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى التِمَاسِهِ، وَأَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ، فَأَتَى النَّاسُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، فَقَالُوا: أَلاَ تَرَى مَا صَنَعَتْ عَائِشَةُ؟ أَقَامَتْ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسِ وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ، وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاضِعٌ رَأْسَهُ عَلَى فَخِذِي قَدْ نَامَ، فَقَالَ: حَبَسْتِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسَ، وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ، وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: فَعَاتَبَنِي أَبُو بَكْرٍ، وَقَالَ: مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ وَجَعَلَ يَطْعُنُنِي بِيَدِهِ فِي خَاصِرَتِي، فَلاَ يَمْنَعُنِي مِنَ التَّحَرُّكِ إِلَّا مَكَانُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى فَخِذِي، «فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَصْبَحَ عَلَى غَيْرِ مَاءٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ فَتَيَمَّمُوا»، فَقَالَ أُسَيْدُ بْنُ الحُضَيْرِ: مَا هِيَ بِأَوَّلِ بَرَكَتِكُمْ يَا آلَ أَبِي بَكْرٍ، قَالَتْ: فَبَعَثْنَا البَعِيرَ الَّذِي كُنْتُ عَلَيْهِ، فَأَصَبْنَا العِقْدَ تَحْتَهُ ". متفق عليه ، وقال أسيد بن حضير - أيضاً - : " لقد بارك الله للناس فيكم يا آل أبي بكر ما أنتم إلا بركة لهم وقال أسيد بن حضير أيضا ً لعائشة :" جزاك الله خيرا ، فو الله ما نزل بك أمر تكرهينه إلا جعل الله ذلك لك وللمسلمين فيه خير اً " متفق عليه ، وعن عبد الله بن أبي مليكة قال : دخل ابن عباس رضي الله عنه رضي الله عنه على عائشة رضي الله عنها فقال :" كنت أعظم المسلمين بركة على المسلمين سقطت قلادتك بالأبواء ، فأنزل الله فيك آية التيمم " .
يشترط للتيمم شرطان وهما : عدم وجود الماء أو عدم القدرة على استعماله يتيمم المسافر في غير معصية والمريض لفريضة أو نافلة إن كانا فاقدين للماء أو عاجزين عن استعماله ، والسفر المباح أي الخالي عن المعاصي كسفر الحج والتجارة والسفر لطلب العلم، وليس السفر بمجرده كافيا في إباحة التيمم حتى إن كان مسافر يرخص له في التيمم، بل لابد معه من فقد الماء الكافي أو وجوده مع الحاجة إليه لإحياء محترم، وكذلك المرض، فالمريض الذي لا يقدر على استعمال الماء، أي فاقد القدرة على استعماله أو كان قادراً على الاستعمال ولكنه يخاف تأخر المرض أو زيادته فرضه التيمم، ويتيمم لجميع الصلوات سواء الفرض أو النفل، وليست الرخصة في حقه قاصرة على الفرض. وأما الحاضر الصحيح الذي يقدر على استعمال الماء وواجد له وخاف إذا استعمل الماء خروج الوقت، والشرع ندب إلى المحافظة على الصلاة في وقتها، فيسوغ له أن يأتي بطهارة ترابية، ولكن يقتصر على الصلاة المفروضة دون النافلة فلا يتيمم لها، ودون الجمعة فلا يتيمم لها أيضا لأن لها بدلا وهو الظهر، ودون الجنازة فلا يتيمم لها أيضا إلا إذا تعينت عليه بأن لا يوجد غيره وفقد الماء وإذا انتظرنا وجود الماء تغيرت فإنه يتيمم ويصلي عليها. مسألة تزاحم الوقت مع الطهارة أيهما أولى المحافظة على الوقت أو الطهارة من المسائل الخلافية فمذهب مالك ومن وافقه بأن المحافظة على الوقت أولى من المحافظة على الطهارة ومذهب الجمهور أن الطهارة مقدمة على الوقت وهو الراجح لأن الله قال فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا وهذا واجد للماء وقادر عليه فلا تصح منه الطهارة الترابية ولحديث جَابر بْنِ عَبْدِ الله رَضيَ الله عَنْهُمَا: أنَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضي الله عَنْهُ، جَاءَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ بَعْدَ مَا غَرَبَتِ الشمس فَجَعَل يَسُبّ كُفَّارَ قُرَيْش، وَقَالَ: يَا رسول الله، مَا كِدتُ أصَلي العَصر حَتَّى كَادَتِ الشمسْ تَغْرُبُ فَقَاَل النَبيُّ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّمَ: " والله مَا صَليْتُهَا قَالَ: فَقُمْنَا إِلى بُطْحَانَ فَتَوَضَّأ للصّلاةَ وتوضأنا لَهَا، فصَلّى العَصْرَ بَعْدَ مَا غَرَبَتِ الشَّمس، ثُم صَلّى بَعْدَهَا المَغْرِبَ . متفق عليه . وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً .
قال المؤلف رحمه الله :
الـتـيـمـم
ذُو سَفَرٍ أُبِيحَ أَوْ ذُو مَرَضِ ** تَيَمَّمَا لِلنَّفْلِ وَ الْمفْتَرَضِ وَحَاضِرٌ صَحَّ لِفَرْضٍ إِنْ عَدِمْ ** مَا كَافِياً أَوْ خَوْفَ وَقْتِهِ عَلِمْ . لاَ النَّفْلِ وَالْجُمْعَةِ وَالْجِنَاَزْة ** إِلاَّ إِذَا تَعَيَّنَتْ جِنَازَةْ
الشرح
التيمم لغة القصد قال تعالى ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه ) أي : لا تقصدوا الخبيث من أموالكم الذي لو أعطاكم أحد منه شيء ما قبلتموه ولا أخذتموه . وشرعاً طهارة ترابية تشتمل على مسح الوجه واليدين بنية رفع الحدث الأصغر ، والمراد بالتراب جنس الأرض فيشمل الحجر وغيره ، والتيمم من خصائص هذه الأمة .قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مَّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ} ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: " خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْبَيْدَاءِ أَوْ بِذَاتِ الجَيْشِ انْقَطَعَ عِقْدٌ لِي، فَأَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى التِمَاسِهِ، وَأَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ، فَأَتَى النَّاسُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، فَقَالُوا: أَلاَ تَرَى مَا صَنَعَتْ عَائِشَةُ؟ أَقَامَتْ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسِ وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ، وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاضِعٌ رَأْسَهُ عَلَى فَخِذِي قَدْ نَامَ، فَقَالَ: حَبَسْتِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسَ، وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ، وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: فَعَاتَبَنِي أَبُو بَكْرٍ، وَقَالَ: مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ وَجَعَلَ يَطْعُنُنِي بِيَدِهِ فِي خَاصِرَتِي، فَلاَ يَمْنَعُنِي مِنَ التَّحَرُّكِ إِلَّا مَكَانُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى فَخِذِي، «فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَصْبَحَ عَلَى غَيْرِ مَاءٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ فَتَيَمَّمُوا»، فَقَالَ أُسَيْدُ بْنُ الحُضَيْرِ: مَا هِيَ بِأَوَّلِ بَرَكَتِكُمْ يَا آلَ أَبِي بَكْرٍ، قَالَتْ: فَبَعَثْنَا البَعِيرَ الَّذِي كُنْتُ عَلَيْهِ، فَأَصَبْنَا العِقْدَ تَحْتَهُ ". متفق عليه ، وقال أسيد بن حضير - أيضاً - : " لقد بارك الله للناس فيكم يا آل أبي بكر ما أنتم إلا بركة لهم وقال أسيد بن حضير أيضا ً لعائشة :" جزاك الله خيرا ، فو الله ما نزل بك أمر تكرهينه إلا جعل الله ذلك لك وللمسلمين فيه خير اً " متفق عليه ، وعن عبد الله بن أبي مليكة قال : دخل ابن عباس رضي الله عنه رضي الله عنه على عائشة رضي الله عنها فقال :" كنت أعظم المسلمين بركة على المسلمين سقطت قلادتك بالأبواء ، فأنزل الله فيك آية التيمم " .
يشترط للتيمم شرطان وهما : عدم وجود الماء أو عدم القدرة على استعماله يتيمم المسافر في غير معصية والمريض لفريضة أو نافلة إن كانا فاقدين للماء أو عاجزين عن استعماله ، والسفر المباح أي الخالي عن المعاصي كسفر الحج والتجارة والسفر لطلب العلم، وليس السفر بمجرده كافيا في إباحة التيمم حتى إن كان مسافر يرخص له في التيمم، بل لابد معه من فقد الماء الكافي أو وجوده مع الحاجة إليه لإحياء محترم، وكذلك المرض، فالمريض الذي لا يقدر على استعمال الماء، أي فاقد القدرة على استعماله أو كان قادراً على الاستعمال ولكنه يخاف تأخر المرض أو زيادته فرضه التيمم، ويتيمم لجميع الصلوات سواء الفرض أو النفل، وليست الرخصة في حقه قاصرة على الفرض. وأما الحاضر الصحيح الذي يقدر على استعمال الماء وواجد له وخاف إذا استعمل الماء خروج الوقت، والشرع ندب إلى المحافظة على الصلاة في وقتها، فيسوغ له أن يأتي بطهارة ترابية، ولكن يقتصر على الصلاة المفروضة دون النافلة فلا يتيمم لها، ودون الجمعة فلا يتيمم لها أيضا لأن لها بدلا وهو الظهر، ودون الجنازة فلا يتيمم لها أيضا إلا إذا تعينت عليه بأن لا يوجد غيره وفقد الماء وإذا انتظرنا وجود الماء تغيرت فإنه يتيمم ويصلي عليها. مسألة تزاحم الوقت مع الطهارة أيهما أولى المحافظة على الوقت أو الطهارة من المسائل الخلافية فمذهب مالك ومن وافقه بأن المحافظة على الوقت أولى من المحافظة على الطهارة ومذهب الجمهور أن الطهارة مقدمة على الوقت وهو الراجح لأن الله قال فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا وهذا واجد للماء وقادر عليه فلا تصح منه الطهارة الترابية ولحديث جَابر بْنِ عَبْدِ الله رَضيَ الله عَنْهُمَا: أنَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضي الله عَنْهُ، جَاءَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ بَعْدَ مَا غَرَبَتِ الشمس فَجَعَل يَسُبّ كُفَّارَ قُرَيْش، وَقَالَ: يَا رسول الله، مَا كِدتُ أصَلي العَصر حَتَّى كَادَتِ الشمسْ تَغْرُبُ فَقَاَل النَبيُّ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّمَ: " والله مَا صَليْتُهَا قَالَ: فَقُمْنَا إِلى بُطْحَانَ فَتَوَضَّأ للصّلاةَ وتوضأنا لَهَا، فصَلّى العَصْرَ بَعْدَ مَا غَرَبَتِ الشَّمس، ثُم صَلّى بَعْدَهَا المَغْرِبَ . متفق عليه . وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق