الأحد، 25 فبراير 2018

دروس البيقونية ( 7 )

تقديم الشيخ : محمد ولد المصطفى الأنصاري
الدرس السابع من شرح كتاب البيقونية في مصطلح الحديث
القسم الثامن الحَدِيث المسلسل
قال المؤلف رحمه الله :
مُسَلْسَلٌ قُلْ مَا عَلَى وَصْفٍ أَتَى ... مِثْلُ أَمَا وَاللهِ أنْبأنِي الْفَتَى
كذَاكَ قَدْ حَدَّثَنِيهِ قَائما ... أَوْ بَعْدَ أَنْ حَدَّثَنِي تَبَسَّمَا
الشرح:
الحديث المسلسل هو الذي اتفق الرواة فيه على وصفٍ معيَّن، إما وصف الأداء، أو وصف حال الراوي وقد يكون قوليا أو فعلياً وفائدة المسلسل هو: التنبيه على أن الراوي قد ضبط الرواية، ولذلك أمثلة كثيرة منها: حديث معاذ بن جبل - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال له: "إني أحبُّك فلا تدعنَّ أن تقول دبر كل صلاة: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحُسن عبادتك" . فقد تسلسل هذا الحديث بقوله بصفة الحب . أَو فعليا كَحَدِيث أبي هُرَيْرَة شَبكَ بيَدي أَبُو الْقَاسِم صلى الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثم قال خلق الله الأَرْض يَوْم السبت . فَإِنَّهُ مسلسل بتشبيك كل مِنْهُم بيد من رَوَاهُ عَنهُ . كَذَاك من الْفعْلِيّ اذا قَالَ قد حَدَّثَنِيهِ قَائِما ثمَّ يفعل الآخر مثل ذَلِك أَو قَالَ بعد أَن حَدثنِي الحَدِيث تبسما فَإِن كلا من الْقيام والتبسم وصف فعلي وَقد يجْتَمع الْوَصْف القولي والفعلي مَعًا كَحَدِيث أنس رَضِي الله عَنهُ مَرْفُوعا لَا يجد العَبْد حلاوة الايمان حَتَّى يُؤمن بِالْقدرِ خَيره وشره حلوه ومره قَالَ وَقبض رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على لحيته وَقَالَ آمَنت بِالْقدرِ فَإِنَّهُ مسلسل بِقَبض كل مِنْهُم على لحيته مَعَ قَوْله آمَنت بِالْقدرِ
فوائد معرفة المسلسل هي:
أولاً: هو في الحقيقة فن طريف، حيث إن الرواة يتفقون فيه على حال معينة لاسيما إذا قال: حدثني وهو على فراشه نائمٌ، حدثني وهو يتوضأ، حدثني وهو يأكل، حدثني ثم تبسم، حدثني ثم بكى، فهذه الحالة طريفة، وهي أن يتفق الرواة كلهم على حال واحدة.
ثانياً: أن في نقله مسلسلاً هكذا؛ حتى لدرجة وصف حال الراوي، فيه دليل على تمام ضبط الرواة، وأن بعضهم قد ضبط حتى حال الراوي حين رواه، فهو يزيد الحديث قوة.
ثالثاً: أنه  إن كان التسلسل مما يقرب إلى الله، صار فيه زيادة قربة وعبادة، مثل ما في حديث معاذ - رضي الله عنه - "إني أحبك فلا تدعنَّ ... "فكون كل واحد من الرواة يقول للثاني إني أحبُّك، كان هذا مما يزيد في الإيمان، ويزيد الإنسان قربة إلى الله تعالى، لأن من أوثق عرى الإيمان الحب في الله، والبغض في الله.
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .

ليست هناك تعليقات: