السبت، 24 فبراير 2018

دروس الأخضري ( 45 )

الدرس الخامس والأربعون من شرح كتاب الأخضري رحمه الله  
تقديم الشيخ : محمد ولد المصطفى الأنصاري
                    قال المؤلف رحمه الله:                                                                              
                بطلان الصلاة بالقهقهة                                                                                                      وَبَطَلَتْ بِالْقَهِّ مُطْلَقاً وَلاَ **  يَضْحَكُ إِلاَّ لاَهٍ أَوْ مَنْ غَفَلاَ  
وَالْمُؤْمِنُ الْكَامِلُ فِيهَا يُعْرِضُ   **  عَمَّا سِوَى اللهِ وَدُنْيَا يَرْفُضُ                                                                         لِيَحْضُرَ الْقَلْبُ  لَهَا وَيَرْتَعِدْ  **       وَتَرْهَبَ النَّفْسُ  جَلاَلَ مَنْ عُبِدْ                                                                    فَذِي صَلاَةُ الْخَاشِعِينَ ثُمَّ لاَ    **  شَيْءَ عَلَيْهِ فِي التَّبَسُّمِ وَلاَ                                                                   بُكَا خُشُوعٍ مِثْل إِنْصَاتٍ نَزُرْ **  لِمُخْبِرٍ وَبَطَلَتْ إِذَا غَزُرْ .
الشرح:
ومن ضحك في الصلاة بطلت صلاته سواء كان ساهياً أو عامداً أي : قهقه فيها، وهو الضحك بصوت، بطلت اتفاقا سواء كان فذاً أو إماماً أو مأموماً فيجب عليه إعادتها أبدا ، قال ابن النذر أجمع العلماء  على أن الضحك في الصلاة ينقض الصلاة . ولا يعيد الوضوء ، ولا يضحك في صلاته إلا غافل متلاعب، والمؤمن إذا قام للصلاة أعرض بقلبه عن كل ما سوى الله سبحانه وترك الدنيا وما فيها، حتى يحضر بقلبه جلال الله سبحانه وعظمته ويرتعد قلبه وترهب نفسه من هيبة الله جل جلاله، فهذه صلاة المتقين. ولو دخل في الصلاة مستحضراً عظمة الله عز وجل لانتفضت جوارحه وارتعدت فرائصه وخضعت، ووجل قلبه ورهبت نفسه، فمن كان وصفه هكذا كيف يضحك وأنى يستحضر ما ينشأ عنه الضحك، ولا يكون عنده إلا تذكر شهوده واستحضار عظمته وسلطانه، فيغيب عن كل ما سواه ويقبل عليه بكل جوارحه، فيصدق في القول والعمل ولا يعي إلا الأعمال التي يؤديها ويكون في عداد الخاشعين المتقين { إنما يتقبل الله من المتقين } ، ولا شيء على المصلي في التبسم المجرد من الصوت أي لا من حيث بطلان الصلاة، ويكره تعمده ولا يترتب على من حصل منه وهو في الصلاة سجود . وبكاء الخاشع في الصلاة مغتفر أي بشرط أن يكون غلبه، وحاصل ما يتعلق بالبكاء أنه إذا كان تخشعاً سواء بصوت أو بغير صوت لا يبطل الصلاة والخشوع في الصلاة من صفات المؤمنين المفلحين ، ومن صفات الذين أعد لهم مغفرة وأجراً عظيماً ومن صفات العلماء : قال الله تعالى : " قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِى صَلاَتِهِمْ خَاشِعُونَ " وقال : {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِـرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} . وقال : { إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ} . والبكاء من خشية الله عز وجل سر بين العبد وربه وقد فعله النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة جهراً : فعن مطرف عن أبيه رضي الله عنه قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم  يصلي وفي صدره " أزيز كأزيز الرحى من البكاء " وفي لفظ قال : " أتيت النبي صلى الله عليه وسلم  وهو قائم يصلي ولصدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء " رواه أبو داود والنسائي والترمذي وصححه الألباني ، ورغب في فعله سراً فقال في السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله وذكر منهم :" رجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه " متفق عليه . قال النووي رحمه الله : " قوله صلى الله عليه وسلم ورجل ذكر الله تعالى خاليا ففاضت عيناه فيه فضيلة البكاء من خشية الله تعالى وفضل طاعة السر لكمال الإخلاص فيها " . ومن أنصت في صلاته لمتحدث قليلا فلا شيء عليه  أي لا سجود عليه ما لم يطل جداً ، فإن طال الوقت وكثر الكلام بطلت الصلاة ويجب عله إعادتها أبدا .  
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً . اللَّهُمَّ إِننا نسأَلك صِحَة فِي إِيمَان ، وإيماناً فِي حسن خلق. ونجاحاً يتبعهُ فلاح. وَرَحْمَة مِنْك وعافية ، ومغفرة مِنْك ورضواناً " اللَّهُمَّ إِننا نعوذ بك من الْكفْر والفقر، ونعوذ بك من عَذَاب الْقَبْر، لَا إِلَه إِلَّا أَنْت " .

ليست هناك تعليقات: