الدرس الثاني والخمسون من شرح كتاب الأخضري رحمه الله تقديم الشيخ : محمد ولد المصطفى الأنصاري
قال المؤلف رحمه الله: مسائـل في السـهو وَمَنْ تَنَهَّتَ بِلاَ حَرْفٍ فَلاَ ** شَيْءَ عَلَيْهِ وَبِحَرْفٍ أَبْطَلاَ وَإِنْ سَهَى الإِمَامُ زَادَ أَوْ نَقَصْ ** سَبَّحَ مَأْمُومٌ بِهِ وَلاَ يُقَصْ إِلاَّ إِذَا قَامَ مِنِ اثْنَتَيْنِ ** وَفَارَقَ الْمَوْضِعَ بِالْيَدَيْنِ فَقُمْ إِذَا جَلَسَ فِي أُولاَهَا ** وَلاَ تَقُمْ عَنْ سَجْدَةٍ خَلاَّهَا فَإِنْ تَخَفْ عَقْدَ الرَّكُوعِ فَقُمِي ** وَلاَ تُجَالِسْهُ وَإِنْ يُسَلِّم. قَضَيْتَ مَا أَلْغَيْتَ بَانِياً وَزِدْ ** قَبْلَ السَّلاَمِ سَجْدَتَيْنِ لاَ تُعِدْ. وَمَنْ لَّهُ جَمَاعَةٌ يُقَدِّمُ ** مُسْتَخْلَفاً نَدْباً يُتِمُّ بِهِمُ وَإِنْ يَقُمْ لِزَائِدٍ بِهِ اقْتَدَى ** مَنْ أَيْقَنَ الْمَوْجِبَ أَوْ تَرَدَّدَا. وَمَنْ تَيَقَّنَ الزِّيَادَةَ جَلَسْ ** وَبَطَلَتْ لِكُلِّ مَنْ خَالَفَ الأُسْ إِلاَّ إِذَا ظَهَرَ أَنَّ مَا اجْتَرَحْ ** وَافَقَ مَا فِي نَفْسِ الأَمْرِ فَتَصِحْ وَإِنْ يُسَلِّمْ قَبْلَ رُكْنٍ فَعَلَى ** مَنْ خَلْفُ تَسْبِيحٌ بِهِ وَكَمَّلاَ وَجَا بَبَعْدِيٍّ وَإِنْ شَكَّ الإِمَامْ ** سَأَلَ عَدْلَيْنِ وَقَدْ جَازَ الْكَلاَمْ وَإِنْ تَيَقَّنَ الْكَمَالَ عَمِلاَ ** عَلَى الْيَقِينِ تَارِكاً مَنْ عَدَلاَ إِلاَّ لِكَثْرَتِهِمُ فَيَدَعُ ** يَقِينَهُ وَلِلْعُدُولِ يَرْجِعُ وَالْحَمْدُ للهِ الْعَلِيِّ ظَاهِراً ** وَبَاطِناً وَأَوَّلاً وَآخِراً وَوَافَقَ الْفَرَاغُ مِنْهُ سَبْتاً ** فِي عَامِ هَضْقَشٍ جَنُوبَ سِبْتَا .
الشرح :
ومن تنهت في صلاته فلا شيء عليه إلا أن ينطق بحروف فإذا نطق بالحروف صار حكمه حكم الكلام يبطل عمده ويغتفر سهوه إلا أنه يسجد بعد السلام. وإذا سها الإمام زاد في صلاته أو نقص سبح له المأموم ولا يتبعه في الزيادة ولا يفعل النقص في صلبه ، والتسبيح في الصلاة للرجال والتصفيق للنساء قال عليه الصلاة والسلام «إِذَا نَابَكُمْ شَيْءٌ فِي الصَّلَاةِ فَلْيُسَبِّحِ الرِّجَالُ، وَلْيُصَفِّحِ النِّسَاءُ» رواه أبو داود والنسائي وابن حبان وصححه الألباني . وعن سهل بن سَعد الساعِدِيّ رضي الله عنه: أنَّ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بَلَغَهُ أنَّ بَني عَمرو بن عَوْفٍ كَانَ بَيْنَهُمْ شَرٌّ، فَخَرَجَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم - يُصْلِحُ بَينَهُمْ في أُنَاس مَعَهُ، فَحُبِسَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم وَحَانَتِ الصَّلاة، فَجَاءَ بِلالٌ إِلَى أَبي بكر رضي الله عنهما، فَقَالَ: يَا أَبا بَكْر، إنَّ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم - قَدْ حُبِسَ وَحَانَتِ الصَّلاةُ فَهَلْ لَكَ أَنْ تَؤُمَّ النَّاس؟ قَالَ: نَعَمْ، إنْ شِئْتَ، فَأقَامَ بِلالٌ الصَّلاةَ، وتَقَدَّمَ أَبُو بَكْرٍ فَكَبَّرَ وَكَبَّرَ النَّاسُ، وَجَاءَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَمشي في الصُّفُوفِ حَتَّى قَامَ في الصَّفِّ، فَأَخَذَ النَّاسُ في التَّصْفيقِ، وَكَانَ أَبُو بكرٍ رضي الله عنه - لاَ يَلْتَفِتُ في الصَّلاةِ، فَلَمَّا أكْثَرَ النَّاسُ في التَّصْفيقِ الْتَفَتَ، فإِذَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم - فَأَشَارَ إِلَيْه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم - فَرَفَعَ أَبُو بَكْر رضي الله عنه يَدَهُ فَحَمِدَ اللهَ، وَرَجَعَ القَهْقَرَى وَرَاءهُ حَتَّى قَامَ في الصَّفِّ، فَتَقَدَّمَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فَصَلَّى للنَّاسِ، فَلَمَّا فَرَغَ أقْبَلَ عَلَى النَّاسِ، فَقَالَ: «أيُّهَا النَّاسُ، مَا لَكُمْ حِينَ نَابَكُمْ شَيْءٌ في الصَّلاةِ أخَذْتُمْ في التَّصفيق؟ إِنَّمَا التَّصفيق للنِّساء، مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ في صَلاتِهِ فَلْيَقُلْ: سُبْحَانَ الله، فَإِنَّهُ لاَ يَسْمَعُهُ أحدٌ حِينَ يقُولُ: سُبْحَانَ الله، إلاَّ الْتَفَتَ. يَا أَبَا بَكْر: مَا مَنَعَكَ أَنْ تُصَلِّي بالنَّاسِ حِينَ أشَرْتُ إلَيْكَ؟»، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَا كَانَ يَنْبَغي لابْنِ أَبي قُحَافَةَ أَنْ يُصَلِّي بالنَّاسِ بَيْنَ يَدَيْ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. وإذا قام الإمام من ركعتين أي تزحزح للقيام فيسبح له المأموم فإن تذكر ورجع قبل أن يفارق الأرض بيديه وركبتيه فبها فإن لم يرجع واستقل قائماً يتبعه من خلفه ويسجد قبل السلام ، وإذا جلس الإمام في غير محل الجلوس كما إذا جلس في الأولى أو الثالثة فإن المأموم لا يوافقه على هذا الجلوس، إذ هو لم يشرع في هذا المحل، ويؤمر بالقيام ويسبح للإمام لعله يتذكر. وإذا سجد الإمام سجدة واحدة وترك الثانية فيسبح له المأموم ولا يقم معه ، إلا أن يخاف عقد ركوعه فيتبعه ولا يجلس بعد ذلك معه ، لا في الثالثة ولا في الرابعة، فإذا سلم فليزد ركعة أخرى بدلا من الركعة التي ألغاها بانياً في الأقوال والأفعال، ويسجد قبل السلام، فإن كانوا المأمون جماعة فالأفضل لهم في هذه الحالة أن يقدموا واحداً منهم يتم بهم الصلاة وهذا الذي مشى عليه المصنف مذهب سحنون وهو ضعيف ، والمتعتمد هو مذهب ابن القاسم أنه إن لم يفهم الإمام بالتسبيح يسجد المأمومون لأنفسهم ولا يتبعونه في تركها وإلا بطلت عليهم ويجلسون معه ويسلمون بسلامه فإذا تذكر الإمام ورجع لسجوده قبل أن يركع فلا يعيدونها معه على الأصح فإن أعادوها معه فلا بطلان ولا فرق بين أن تكون الأولى أو غيرها كما في الدسوقي وسواء انفرد الإمام بالسهو أو شاركه بعض المأمومين .
وَإِنْ يَقُمْ لِزَائِدٍ بِهِ اقْتَدَى ** مَنْ أَيْقَنَ الْمَوْجِبَ أَوْ تَرَدَّدَا. وإذا زاد الإمام لركن زائد يقتدي به من أيقن الموجب أي السبب أو ظنه أو توهمه أو شك أو تردد فكل من اتصف بهذه الصفات من المأمومين يجب عليه متابعة الإمام ، ومن تيقن الزيادة يجب عليه أن يسبح للإمام ولا يتابعه فإن لم يسبح له أو تابعه في الزيادة بطلت صلاته لأنه بعدم تسبيحه له صار كمتعمد الزيادة فإن لم يفهم بالتسبيح أشاروا إليه فإن لم يفهم كلموه ويجب عليه الرجوع لقولهم إن تيقن صدقهم أو شك فيه فإن لم يفعل بطلت عليه . بطلت صلاة كل من خالف من الفريقين أي المتيقن والمتردد إلا إذا ظهر أنما فعله من المخالفة موافق لما في نفس الأمر فتصح صلاته قال الحطاب: الظاهر صحة صلاته ولا تضره المخالفة . وإذا سلم الإمام قبل كمال الصلاة سبح له من خلفه، فإن صدقه كمل صلاته وسجد بعد السلام، وإن شك في خبره سأل عدلين وجاز لهما الكلام في ذلك فإن أخبراه بأنه نقص من صلاته ركعة مثلاً رجع إلى قولهما إن تيقن صدقهما فإن لم يتيقن صدقهما أو شك فيه فلا يرجع إليهما بل يبني على ما تيقنه من الإتمام على يقينه وترك العدلين، إلا أن يكثر الناس خلفه فيترك يقينه ويرجع إليهم بحيث يفيد خبرهم العلم الضروري فإنه يرجع إليهم ولو تيقن خلاف ما أخبروه به .
وَالْحَمْدُ للهِ الْعَلِيِّ ظَاهِراً@@ وَبَاطِناً وَأَوَّلاً وَآخِراً وَوَافَقَ الْفَرَاغُ مِنْهُ سَبْتاً ** فِي عَامِ هَضْقَشٍ جَنُوبَ سِبْتَا .
الشرح :
الحمد لله الحمد هو : وصف المحمود بالكمال مع المحبة، والتعظيم؛ الكمال الذاتي، والوصفي، والفعلي؛ فهو كامل في ذاته، وصفاته، وأفعاله؛ و"أل" في { الحمد } للاستغراق: أي استغراق جميع المحامد.وقوله { لله }: اللام للاختصاص، والاستحقاق؛ و"الله" اسم ربنا عزّ وجلّ؛ لا يسمى به غيره؛ ومعناه: المألوه . أي المعبود بالحق حباً، وتعظيماً. والعلي بالمنزلة المنزه عن الضد والند والشبيه . وأحمد الله ظاهراً وباطناً كما قال تعالى وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة وأحمد الله أولاً وآخراً . ووافق الفراغ منه سبتا أي أحد أيام الأسبوع فِي عَامِ هَضْقَشٍ جَنُوبَ سِبْتَا أي في عام 1195 عدد نقط حروف هضقش الهاء والضاد والقاف والشين . ونقط الحروف معروف عند العرب الهاء 5 خمسة والضاد 90تسعون والقاف مائة والشين 1000ألف . جنوب سبتا أي ظرف مكان . وتنقيط الحروف فيه خلاف بسيط بين المشارقة والمغاربة بسبب تقديم الحروف بعضهم على بعض وبذلك يختلف تنقيط بعضها . قال ابن تيمية رحمه الله : َقَدْ تَنَازَعَ النَّاسُ فِي أَبْجَد هوز حُطِّي فَقَالَ طَائِفَةٌ هِيَ أَسْمَاءُ قَوْمٍ قِيلَ أَسْمَاءُ مُلُوكِ مَدْيَنَ أَوْ أَسْمَاءُ قَوْمٍ كَانُوا مُلُوكًا جَبَابِرَةً. وَقِيلَ: هِيَ أَسْمَاءُ السِّتَّةِ الْأَيَّامِ الَّتِي خَلَقَ اللَّهُ فِيهَا الدُّنْيَا. وَالْأَوَّلُ اخْتِيَارُ الطبري. وإلى هنا انتهيت من شرح كتاب الأخضري في الفقه المالكي في مساء ليلة الخميس بعد صلاة المغرب في المدينة النبوية بالمسجد النبوي في22 /12 / 1438هـ الثاني والعشرين من شهر ذي الحجة عام ألف وأربعمائة وثمانية وثلاثين من الهجرة النوبية ، أسأل الله عز وجل أن يجعله خالصاً لوجهه الكريم وأن ينفع به من قرأه إنه ولي ذلك والقادر عليه ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً ، اللهم إننا نسألك الهدى والتُّقى والعفاف والغِنَى ، اللهم إننا أسألك إيماناً لا يرْتَدّ، ونعيماً لا ينفدُ، ومرافقةَ النبي صلى الله عليه وسلم في أعلى غرف الجنة، جنةِ الخُلد ، اللَّهُمَّ إِنِّنا نسأَلك مُوجبَات رحمتك وعزائم مغفرتك وَالْغنيمَة من كل بر، والسلامة من كل إِثْم اللهم لا تدع لنا ذَنبا إِلَّا غفرته، وَلَا هما إِلَّا فرجته؛ وَلَا حَاجَة هِيَ لَك رضَا إِلَّا قضيتها ويسرتها .
قال المؤلف رحمه الله: مسائـل في السـهو وَمَنْ تَنَهَّتَ بِلاَ حَرْفٍ فَلاَ ** شَيْءَ عَلَيْهِ وَبِحَرْفٍ أَبْطَلاَ وَإِنْ سَهَى الإِمَامُ زَادَ أَوْ نَقَصْ ** سَبَّحَ مَأْمُومٌ بِهِ وَلاَ يُقَصْ إِلاَّ إِذَا قَامَ مِنِ اثْنَتَيْنِ ** وَفَارَقَ الْمَوْضِعَ بِالْيَدَيْنِ فَقُمْ إِذَا جَلَسَ فِي أُولاَهَا ** وَلاَ تَقُمْ عَنْ سَجْدَةٍ خَلاَّهَا فَإِنْ تَخَفْ عَقْدَ الرَّكُوعِ فَقُمِي ** وَلاَ تُجَالِسْهُ وَإِنْ يُسَلِّم. قَضَيْتَ مَا أَلْغَيْتَ بَانِياً وَزِدْ ** قَبْلَ السَّلاَمِ سَجْدَتَيْنِ لاَ تُعِدْ. وَمَنْ لَّهُ جَمَاعَةٌ يُقَدِّمُ ** مُسْتَخْلَفاً نَدْباً يُتِمُّ بِهِمُ وَإِنْ يَقُمْ لِزَائِدٍ بِهِ اقْتَدَى ** مَنْ أَيْقَنَ الْمَوْجِبَ أَوْ تَرَدَّدَا. وَمَنْ تَيَقَّنَ الزِّيَادَةَ جَلَسْ ** وَبَطَلَتْ لِكُلِّ مَنْ خَالَفَ الأُسْ إِلاَّ إِذَا ظَهَرَ أَنَّ مَا اجْتَرَحْ ** وَافَقَ مَا فِي نَفْسِ الأَمْرِ فَتَصِحْ وَإِنْ يُسَلِّمْ قَبْلَ رُكْنٍ فَعَلَى ** مَنْ خَلْفُ تَسْبِيحٌ بِهِ وَكَمَّلاَ وَجَا بَبَعْدِيٍّ وَإِنْ شَكَّ الإِمَامْ ** سَأَلَ عَدْلَيْنِ وَقَدْ جَازَ الْكَلاَمْ وَإِنْ تَيَقَّنَ الْكَمَالَ عَمِلاَ ** عَلَى الْيَقِينِ تَارِكاً مَنْ عَدَلاَ إِلاَّ لِكَثْرَتِهِمُ فَيَدَعُ ** يَقِينَهُ وَلِلْعُدُولِ يَرْجِعُ وَالْحَمْدُ للهِ الْعَلِيِّ ظَاهِراً ** وَبَاطِناً وَأَوَّلاً وَآخِراً وَوَافَقَ الْفَرَاغُ مِنْهُ سَبْتاً ** فِي عَامِ هَضْقَشٍ جَنُوبَ سِبْتَا .
الشرح :
ومن تنهت في صلاته فلا شيء عليه إلا أن ينطق بحروف فإذا نطق بالحروف صار حكمه حكم الكلام يبطل عمده ويغتفر سهوه إلا أنه يسجد بعد السلام. وإذا سها الإمام زاد في صلاته أو نقص سبح له المأموم ولا يتبعه في الزيادة ولا يفعل النقص في صلبه ، والتسبيح في الصلاة للرجال والتصفيق للنساء قال عليه الصلاة والسلام «إِذَا نَابَكُمْ شَيْءٌ فِي الصَّلَاةِ فَلْيُسَبِّحِ الرِّجَالُ، وَلْيُصَفِّحِ النِّسَاءُ» رواه أبو داود والنسائي وابن حبان وصححه الألباني . وعن سهل بن سَعد الساعِدِيّ رضي الله عنه: أنَّ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بَلَغَهُ أنَّ بَني عَمرو بن عَوْفٍ كَانَ بَيْنَهُمْ شَرٌّ، فَخَرَجَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم - يُصْلِحُ بَينَهُمْ في أُنَاس مَعَهُ، فَحُبِسَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم وَحَانَتِ الصَّلاة، فَجَاءَ بِلالٌ إِلَى أَبي بكر رضي الله عنهما، فَقَالَ: يَا أَبا بَكْر، إنَّ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم - قَدْ حُبِسَ وَحَانَتِ الصَّلاةُ فَهَلْ لَكَ أَنْ تَؤُمَّ النَّاس؟ قَالَ: نَعَمْ، إنْ شِئْتَ، فَأقَامَ بِلالٌ الصَّلاةَ، وتَقَدَّمَ أَبُو بَكْرٍ فَكَبَّرَ وَكَبَّرَ النَّاسُ، وَجَاءَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَمشي في الصُّفُوفِ حَتَّى قَامَ في الصَّفِّ، فَأَخَذَ النَّاسُ في التَّصْفيقِ، وَكَانَ أَبُو بكرٍ رضي الله عنه - لاَ يَلْتَفِتُ في الصَّلاةِ، فَلَمَّا أكْثَرَ النَّاسُ في التَّصْفيقِ الْتَفَتَ، فإِذَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم - فَأَشَارَ إِلَيْه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم - فَرَفَعَ أَبُو بَكْر رضي الله عنه يَدَهُ فَحَمِدَ اللهَ، وَرَجَعَ القَهْقَرَى وَرَاءهُ حَتَّى قَامَ في الصَّفِّ، فَتَقَدَّمَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فَصَلَّى للنَّاسِ، فَلَمَّا فَرَغَ أقْبَلَ عَلَى النَّاسِ، فَقَالَ: «أيُّهَا النَّاسُ، مَا لَكُمْ حِينَ نَابَكُمْ شَيْءٌ في الصَّلاةِ أخَذْتُمْ في التَّصفيق؟ إِنَّمَا التَّصفيق للنِّساء، مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ في صَلاتِهِ فَلْيَقُلْ: سُبْحَانَ الله، فَإِنَّهُ لاَ يَسْمَعُهُ أحدٌ حِينَ يقُولُ: سُبْحَانَ الله، إلاَّ الْتَفَتَ. يَا أَبَا بَكْر: مَا مَنَعَكَ أَنْ تُصَلِّي بالنَّاسِ حِينَ أشَرْتُ إلَيْكَ؟»، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَا كَانَ يَنْبَغي لابْنِ أَبي قُحَافَةَ أَنْ يُصَلِّي بالنَّاسِ بَيْنَ يَدَيْ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. وإذا قام الإمام من ركعتين أي تزحزح للقيام فيسبح له المأموم فإن تذكر ورجع قبل أن يفارق الأرض بيديه وركبتيه فبها فإن لم يرجع واستقل قائماً يتبعه من خلفه ويسجد قبل السلام ، وإذا جلس الإمام في غير محل الجلوس كما إذا جلس في الأولى أو الثالثة فإن المأموم لا يوافقه على هذا الجلوس، إذ هو لم يشرع في هذا المحل، ويؤمر بالقيام ويسبح للإمام لعله يتذكر. وإذا سجد الإمام سجدة واحدة وترك الثانية فيسبح له المأموم ولا يقم معه ، إلا أن يخاف عقد ركوعه فيتبعه ولا يجلس بعد ذلك معه ، لا في الثالثة ولا في الرابعة، فإذا سلم فليزد ركعة أخرى بدلا من الركعة التي ألغاها بانياً في الأقوال والأفعال، ويسجد قبل السلام، فإن كانوا المأمون جماعة فالأفضل لهم في هذه الحالة أن يقدموا واحداً منهم يتم بهم الصلاة وهذا الذي مشى عليه المصنف مذهب سحنون وهو ضعيف ، والمتعتمد هو مذهب ابن القاسم أنه إن لم يفهم الإمام بالتسبيح يسجد المأمومون لأنفسهم ولا يتبعونه في تركها وإلا بطلت عليهم ويجلسون معه ويسلمون بسلامه فإذا تذكر الإمام ورجع لسجوده قبل أن يركع فلا يعيدونها معه على الأصح فإن أعادوها معه فلا بطلان ولا فرق بين أن تكون الأولى أو غيرها كما في الدسوقي وسواء انفرد الإمام بالسهو أو شاركه بعض المأمومين .
وَإِنْ يَقُمْ لِزَائِدٍ بِهِ اقْتَدَى ** مَنْ أَيْقَنَ الْمَوْجِبَ أَوْ تَرَدَّدَا. وإذا زاد الإمام لركن زائد يقتدي به من أيقن الموجب أي السبب أو ظنه أو توهمه أو شك أو تردد فكل من اتصف بهذه الصفات من المأمومين يجب عليه متابعة الإمام ، ومن تيقن الزيادة يجب عليه أن يسبح للإمام ولا يتابعه فإن لم يسبح له أو تابعه في الزيادة بطلت صلاته لأنه بعدم تسبيحه له صار كمتعمد الزيادة فإن لم يفهم بالتسبيح أشاروا إليه فإن لم يفهم كلموه ويجب عليه الرجوع لقولهم إن تيقن صدقهم أو شك فيه فإن لم يفعل بطلت عليه . بطلت صلاة كل من خالف من الفريقين أي المتيقن والمتردد إلا إذا ظهر أنما فعله من المخالفة موافق لما في نفس الأمر فتصح صلاته قال الحطاب: الظاهر صحة صلاته ولا تضره المخالفة . وإذا سلم الإمام قبل كمال الصلاة سبح له من خلفه، فإن صدقه كمل صلاته وسجد بعد السلام، وإن شك في خبره سأل عدلين وجاز لهما الكلام في ذلك فإن أخبراه بأنه نقص من صلاته ركعة مثلاً رجع إلى قولهما إن تيقن صدقهما فإن لم يتيقن صدقهما أو شك فيه فلا يرجع إليهما بل يبني على ما تيقنه من الإتمام على يقينه وترك العدلين، إلا أن يكثر الناس خلفه فيترك يقينه ويرجع إليهم بحيث يفيد خبرهم العلم الضروري فإنه يرجع إليهم ولو تيقن خلاف ما أخبروه به .
وَالْحَمْدُ للهِ الْعَلِيِّ ظَاهِراً@@ وَبَاطِناً وَأَوَّلاً وَآخِراً وَوَافَقَ الْفَرَاغُ مِنْهُ سَبْتاً ** فِي عَامِ هَضْقَشٍ جَنُوبَ سِبْتَا .
الشرح :
الحمد لله الحمد هو : وصف المحمود بالكمال مع المحبة، والتعظيم؛ الكمال الذاتي، والوصفي، والفعلي؛ فهو كامل في ذاته، وصفاته، وأفعاله؛ و"أل" في { الحمد } للاستغراق: أي استغراق جميع المحامد.وقوله { لله }: اللام للاختصاص، والاستحقاق؛ و"الله" اسم ربنا عزّ وجلّ؛ لا يسمى به غيره؛ ومعناه: المألوه . أي المعبود بالحق حباً، وتعظيماً. والعلي بالمنزلة المنزه عن الضد والند والشبيه . وأحمد الله ظاهراً وباطناً كما قال تعالى وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة وأحمد الله أولاً وآخراً . ووافق الفراغ منه سبتا أي أحد أيام الأسبوع فِي عَامِ هَضْقَشٍ جَنُوبَ سِبْتَا أي في عام 1195 عدد نقط حروف هضقش الهاء والضاد والقاف والشين . ونقط الحروف معروف عند العرب الهاء 5 خمسة والضاد 90تسعون والقاف مائة والشين 1000ألف . جنوب سبتا أي ظرف مكان . وتنقيط الحروف فيه خلاف بسيط بين المشارقة والمغاربة بسبب تقديم الحروف بعضهم على بعض وبذلك يختلف تنقيط بعضها . قال ابن تيمية رحمه الله : َقَدْ تَنَازَعَ النَّاسُ فِي أَبْجَد هوز حُطِّي فَقَالَ طَائِفَةٌ هِيَ أَسْمَاءُ قَوْمٍ قِيلَ أَسْمَاءُ مُلُوكِ مَدْيَنَ أَوْ أَسْمَاءُ قَوْمٍ كَانُوا مُلُوكًا جَبَابِرَةً. وَقِيلَ: هِيَ أَسْمَاءُ السِّتَّةِ الْأَيَّامِ الَّتِي خَلَقَ اللَّهُ فِيهَا الدُّنْيَا. وَالْأَوَّلُ اخْتِيَارُ الطبري. وإلى هنا انتهيت من شرح كتاب الأخضري في الفقه المالكي في مساء ليلة الخميس بعد صلاة المغرب في المدينة النبوية بالمسجد النبوي في22 /12 / 1438هـ الثاني والعشرين من شهر ذي الحجة عام ألف وأربعمائة وثمانية وثلاثين من الهجرة النوبية ، أسأل الله عز وجل أن يجعله خالصاً لوجهه الكريم وأن ينفع به من قرأه إنه ولي ذلك والقادر عليه ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً ، اللهم إننا نسألك الهدى والتُّقى والعفاف والغِنَى ، اللهم إننا أسألك إيماناً لا يرْتَدّ، ونعيماً لا ينفدُ، ومرافقةَ النبي صلى الله عليه وسلم في أعلى غرف الجنة، جنةِ الخُلد ، اللَّهُمَّ إِنِّنا نسأَلك مُوجبَات رحمتك وعزائم مغفرتك وَالْغنيمَة من كل بر، والسلامة من كل إِثْم اللهم لا تدع لنا ذَنبا إِلَّا غفرته، وَلَا هما إِلَّا فرجته؛ وَلَا حَاجَة هِيَ لَك رضَا إِلَّا قضيتها ويسرتها .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق