السبت، 24 فبراير 2018

الدروس الأخضري ( 16 )

الدرس السادس عشر من شرح كتاب الأخضري رحمه الله                                                                           تقديم الشيخ : محمد ولد المصطفى  
                                                   قال المؤلف رحمه الله  :                                                                                                                        


فرائض الوضوء وسننه

فَرَائِضُ الْوُضُوءِ سَبْعٌ نِيَتُهْ   ** وَغَسْلُ وَجْهٍ وَالْيَدَيْنِ غَايَتُهْ

لِمِرْفَقٍ وَمَسْحُ رَأْسِ بَيْنِ   ** وَغَسْلُهُ الرِّجْلَيْنِ لِلْكَعْبَيْنِ

وَالْفَوْرُ وَالدَّلْكُ وَفِي الشُّرُوعِ   ** غَسْلُ الْيَدَيْنِ سُنَّةٌ لِلْكُوعِ  

مَضْمَضَةٌ مُسْتَنشَقٌ مُسْتَنثَرُ   ** وَرَدُّ مَسْحِ الرَّأْسِ فِيمَا أَثَرُوا.

وَمَسْحُ الأُذْنَيْنِ وَتَجْدِيدٌ الْمَا  ** لِتَيْنِ تَرْتِيبُ الْفُرُوضِ تَمّاَ .
الشرح :
فرائض الوضوء سبعة ، وسننه ثمانية وسيأتي تفصيل تلك الفرائض والسنن إن شاء الله
قال الله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ}
[المائدة: 6] .
وعن حُمْرانَ مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَانَ، أنه رَأى عُثْمَانَ دَعَا بِوَضوء فَأفرَغ عَلَى يَدَيْهِ مِنْ إنَائِهِ فَغَسَلهُمَا ثَلاثَ مَرات، ثُمَّ أدْخَلَ يَميِنَهُ في الوَضُوءِ، ثم تمضْمَضَ وَاستَنْشَق واسثتَنْثَرَ، ثُم غَسَلَ وَجهَهُ ثَلاثَاً، وَيَدَيْهِ إلَىِ الْمِرْفَقَيْنِ ثَلاثاً، ثُّمَ مَسَحَ برأسه ثُم غَسَل كِلْتَا رجْلَيْهِ ثَلاثاً، ثُمَ قَالَ: رَأيتُ النبي صَلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توَضًأ نحْوَ وضوئي هذَا وَقَالَ: "من تَوَضًأ نَحْوَ وُضُوئي هذَا ثُمَّ صَلَى رَكْعَتَين لا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ غَفَرَ الله لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ". متفق عليه . وعن عَمْرِو بن يَحْيىَ اْلمازِني عَنْ أبِيهِ قَال: شَهِدْتُ عمرْو بن أبي اْلحَسَنِ سَألَ عَبْدَ الله بْنَ زيد عَن وُضُوءِ النبي صلى الله عليه وسلم، فَدَعَاَ بِتَوْر مِنْ مَاءٍ فتَوَضأ لَهُم وُضُوءَ النبي صلى الله عليه وسلم. فَأكفأ عَلَى يَدَيْهِ مَنِ التَوْرِ فَغسَل يَدَيْه ثَلاثا، ثُمَّ أدْخَل يَدَهُ في التَّور فَمضْمضَ وَاستَنْشَقَ واستَنْثَرَ ثَلاثاً بثَلاث غرْفَاتِ، ثُمَّ أدْخل يدهِ فِي التَّوْر فغَسَل وجْهَهِ ثلاثا ثمَّ أدْخَلَ يَدَه فَغَسَلهُمَا مرتين إلى المرْفقيْن، ثُمَّ أدْخَلَ يَدَيْهِ فَمَسَحَ بهما رَأسَهُ فَأقَبَلَ بهمَا، وأدْبَرَ مَرّة وَاحِدَة، ثم غَسَلَ رجْلَيْهِ. متفق عليه . وعَنْ أبى هريرة رَضىَ اللَه عَنْهُ: أن رَسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلمَ قَالَ: " إذَا تَوَضَّأ أحَدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ فِي أنْفِهِ مَاءً ثم ليَسْتَنْثِرْ وفي لفظ لمسلم: "فَلْيَسْتَنْشقْ بِمِنْخَرَيْهِ من الماء "، وفي لفظ: "مَنْ تَوَضَّأ فَلْيَسْتَنْشِقْ ".وَمَن اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ. وَإذَا اسْتَيْقَظَ أحدكم مِنْ نَوْمِهِ فَلْيَغْسِل يَدَيْهِ قبْلَ أنْ يُدْخِلَهُمَا فَي الإنَاءِ ثَلاثاً  ، فَإن أحَدَكُمْ لا يَدْرِي أيْنَ بَات يَدُه" . متفق عليه . وقال عليه الصلاة والسلام : " لا يَقْبَلُ الله صَلاةَ أحَدكُمْ إذَا أحْدَثَ حَتَى يَتَوضًأ ". متفق عليه . وعَنْ عَبْد الله بْن عَمْرو بْنِ الْعَاص، وَأبي هُرَيرةَ، وَعَائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهم قَالوا : رَجَعْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِمَاءٍ بِالطَّرِيقِ تَعَجَّلَ قَوْمٌ عِنْدَ الْعَصْرِ، فَتَوَضَّئُوا وَهُمْ عِجَالٌ فَانْتَهَيْنَا إِلَيْهِمْ وَأَعْقَابُهُمْ تَلُوحُ لَمْ يَمَسَّهَا الْمَاءُ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « )منَادَيا بِأَعْلَى صَوْتِهِ: وَيْلٌ لِلأعْقَابِ مِنَ النَّارِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا ) متفق عليه .
 ( فصل: فرائض الوضوء سبعة ) قدم الوضوء على الغسل لتكرره وتأسيا بالقرآن في قوله تعالى : { يأيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة } ، والوضوء مشتق من الوضاءة وهي النظافة والحسن، والفرائض جمع فريضة بمعنى مفروضة. والوضوء بفتح الواو اسم للماء المعد للطهر، وبالضم اسم للفعل. ( النية ) هي قصد الشيء مقترنا بفعله، فإن كان ذلك الشيء وضوءا فينوي عند غسل الوجه استباحة الصلاة أو رفع الحدث [أو] الفريضة، ومحلها القلب وتكون عند أول مفعول كالوجه في الوضوء وعند تكبيرة الإحرام في الصلاة. ( وغسل الوجه ) مشتق من الوجاهة وهي الحسن لأنه أحسن الأعضاء، وإنما عده المصنف من الفرائض لأن الله تعالى أمر بغسله في قوله: { إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم } الآية، وأمر من الله للوجوب إن لم يصرفه صارف . وحده طولا منابت شعر الرأس المعتاد إلى منتهى الذقن، وأما حده عرضا فمن الأذن إلى الأذن، وحينئذ فالأصلع وهو الذي انحسر شعر رأسه، لا يجب عليه غسل موضع ما انحسر عليه الشعر لأنه ليس من الوجه، والأغم الذي نزل شعره عن منبت الشعر المعتاد يجب عليه غسل ما نزل عن محل الشعر المعتاد لأنه من الوجه. ( وغسل اليدين إلى المرفقين ) غسل اليدين إلى المرفقين ثالث الفرائض، و(إلى) في كلام المصنف كالآية الكريمة بمعنى مع، وحينئذ يجب غسل اليدين مع المرفقين، فلو ترك غسلهما لم يكن آتيا بجميع ما يجب عليه ويكون وضوءه باطلا عند من يقول بدخول الغاية، وأن (إلى) كما قلنا بمعنى مع . ( ومسح الرأس ) هذا رابع الفرائض فيجب مسح جميع الرأس، فلو اقتصر على مسح بعضه لم يجز، والمسح على الوجه الأكمل أن يبدأ بمقدم رأسه حتى ينتهي إلى الجمجمة: أي إلى آخرها، والجمجمة عظم الرأس المشتمل على الدماغ، ولا فرق في ذلك بين الرجل والمرأة . ( وغسل الرجلين إلى الكعبين ) هذا خامس الفرائض فيجب غسل الرجلين إلى الكعبين، وهما العظمان الناتئان، أي البارزان عند مفصل الساقين، ويجب على المتوضئ، أن يتبع عقبيه لئلا يترك لمعة فيبطل وضوؤه، وفي الحديث: "ويل للأعقاب من النار" . ( والفور ) هذا سادس الفرائض، ومعنى الفور أن لا يفرق بين أعضائه في الغسل بزمن طويل، بمعنى أنه يوال بعضها بعض بحيث لا يتراخى حتى تجف أعضاؤه، وحكى بعضهم أن المعتبر في الطول العرف فما يعده العرف طولا يعتبر طولا، وما لا يعده طولا فلا يعتبر طولا، قائلا: إن الجفاف يختلف باختلاف الأبدان والأزمان فلا يحدد الطول به، أي بجفاف الأعضاء. ( والدلك ) هذا سابع الفرائض وهو الغسل مع صب الماء، وفي كونه واجبا لذاته أو لإيصال الماء للبشرة خلاف، والمشهور أنه واجب لذاته ،ويؤيد الوجوب قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ ) ، ( وسننه أي الوضوء ثمانية ) الأولى:  غسل اليدين إلى الكوعين عند الشروع ) أي من السنة غسل اليدين أولا، وإنما قدمت السنة على الفرض الذي هو غسل الوجه اتباعاً له عليه الصلاة والسلام في فعله ذلك . الثانية ( المضمضة ) هي إدخال الماء في الفم وتحريكه فيه ثم مجه أي طرحه . الثالثة ( الاستنشاق ) هو جذب الماء بالنفس إلى داخل أنفه . والأفضل أن يكون كل منهما أي المضمضة والاستنشاق بثلاث غرفات. السنة الرابعة ( الاستنثار ) وهو إخراج الماء بريح الأنف، وصفة ذلك أن يضع أصبعيه السبابة والإبهام من يده اليسرى على ما لان من أنفه ماسكا له، ويخرج الماء بريح أنفه، الخامسة ( رد مسح الرأس ) أي أن الرد بعد المسح الذي هو فرض، سنة. السادسة ( مسح الأذنين ) السابعة ( تجديد الماء لهما ) أي كل منهما سنة مستقلة، فالمسح سنة على حدة، وتجديد الماء لهما سنة على حدة، وصفة المسح أن يمسح ما يلي الوجه بالسبابتين وما يلي الرأس بالإبهامين، والسنة الثامنة ( الترتيب بين أعضاء الوضوء ) كما جاءت به السنة النبوية . وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً .

ليست هناك تعليقات: