السبت، 24 فبراير 2018

دروس الأخضري ( 33 )

الدرس الثالث والثلاثون من شرح كتاب الأخضري رحمه الله
تقديم الشيخ : محمد ولد المصطفى الأنصاري
      قال المؤلف رحمه الله:
        من شـروط صحة الـصلاة
وَمَنْ تَنَجَّسَ  ثَوْبُهْ وَعَجَزَا  ** عَنْ غَيْرِهِ أَوْ خَافَ وَقْتاً اجْتَزَا                                                                     وَلَمْ يَجُزْ تَأخِيرُهَا لِعَدَمِ   ** طَهَارَةٍ وَهَوَ بِهِ ذُو مَأْثَمِ                                                                             وَصَلِّ عُرْيَاناً إِذَا لَمْ تُلْفِ   ** سَاتِرَ عَوْرَةٍ بِغَيْرِ خُلْفِ                                                                            وَمُخْطِئُ الْقِبْلَةِ فِي الْوَقْتِ أَعَادْ ** وَمُسْتَحَبٌّ كُلَّمَا فِيهِ يُعَادْ                                                                  وَمَا يُعَادُ الْفَرْضُ مِنْهُ فِيهِ لاَ **  تُعِدْ بِهِ الْفَائِتَ وَالتَّنَفُّلاَ .                                                                   (ومن تنجس ثوبه ولم يجد ثوبا غيره ولم يجد ماء يغسله به أو لم يكن عنده ما يلبس حتى يغسله وخاف خروج الوقت صلى بنجاسته ) قد علمت أن إزالة النجاسة شرط من شروط الصحة فيجب إزالتها عن ثوب المصلي وبدنه ومكانه، ولكن هذا الشرط مشروط بشرط آخر وهو أن يكون قادرا على إزالتها، بأن وجد من الماء ما يطهر به الثوب وكان الوقت متسعاً بحيث يمكنه أن يزيل النجاسة ويدرك الصلاة وأن يوجد ثوبا آخر يستر به عورته عندما يباشر تطهير ثوبه المتنجس، لما علمت من وجوب ستر العورة، فإن وجدت هذه الشروط وجب عليه إزالة النجاسة، وإلا صلى بثوبه المتنجس وسقط عنه هذا الشرط وكانت صلاته صحيحة مع نجاسة ثوبه قال تعالى فاتقوا الله ما استطعتم .، ولا يحل تأخير الصلاة لعدم الطهارة ، فليس له أن يعلل تأخير الصلاة بنجاسة ثوبه بل عليه أن يصلي في الوقت حسب استطاعته فمن أخر الصلاة عن وقتها لأجل نجاسة ثوبه مثلا فقد ضيق على نفسه وعصى ربه لعدم امتثاله لما وجب عليه من إيقاع الصلاة في وقتها مع نجاسة ثوبه حيث لم يقدر على الإزالة . ، مسألة تزاحم الوقت مع الطهارة أيهما أولى المحافظة على الوقت أو الطهارة من المسائل الخلافية فمذهب مالك ومن وافقه بأن المحافظة على الوقت أولى من المحافظة على الطهارة ومذهب الجمهور أن الطهارة مقدمة على الوقت وهو الراجح لأن الله قال فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا وهذا واجد للماء وقادر عليه فلا تصح منه الطهارة الترابية ولحديث جَابر بْنِ عَبْدِ الله رَضيَ الله عَنْهُمَا: أنَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضي الله عَنْهُ، جَاءَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ بَعْدَ مَا غَرَبَتِ الشمس فَجَعَل يَسُبّ كُفَّارَ قُرَيْش، وَقَالَ: يَا رسول الله، مَا كِدتُ أصَلي العَصر حَتَّى كَادَتِ الشمسْ تَغْرُبُ فَقَاَل النَبيُّ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّمَ: " والله مَا صَليْتُهَا  قَالَ: فَقُمْنَا إِلى بُطْحَانَ فَتَوَضَّأ للصّلاةَ وتوضأنا لَهَا، فصَلّى العَصْرَ بَعْدَ مَا غَرَبَتِ الشَّمس، ثُم صَلّى بَعْدَهَا المَغْرِبَ . متفق عليه . ومن لم يجد ما يستر به عورته صلى عريانا ، يعنى أن المكلف إذا ضاق عليه الأمر ولم يوجد ما يستر به عورته، من ثوب أو غيره، وتعذر عليه جميع ما يستر به عورته فيجب عليه أن يصلي عريانا ولا يؤخر الصلاة حتى يجد ما يستر به عورته .
ومن أخطأ القبلة أعاد في الوقت، وكل إعادة في الوقت فهي فضيلة، وكل ما تعاد منه الصلاة في الوقت فلا تعاد منه الفائتة والنافلة ، اعلم أن الواجب على غير من بمكة والمدينة وكان عنده علم بالأدلة المنصوبة على جهة القبلة واجتهد في جهة غلبت على ظنه لأمارتها فصلى إليها ثم تبين له بعد الفراغ منها أنه أخطأ القبلة بانحرافه عنها انحرافا شديدا أعاد في الوقت الاختياري على سيبل الندب، وإنما لم يجب عليه الإعادة أبدا لأنه لم يترك أمرا وجب عليه حتى يعيد أبدا، فكل أمر يرتب على تركه إعادة الصلاة الوقتية في الوقت وتنتفي الإعادة بعد خروج الوقت كالصورة التي معنا وهي: ما لو صلى معتقدا أنه متوجه إلى القبلة، وبعد أن أتم صلاته تبين أنه أخطا القبلة، أو صلى بثوب نجس عند عدم القدرة على إزالة النجاسة، أو صلى في ثوب حرير لم يجد غيره. وقلنا إنه مطالب بإعادة الصلاة في الوقت على سبيل الندب غير مطالب بإعادتها بعد خروجه، لا تعاد من أجله النافلة ولا الفائتة فمن صلى النافلة أو الفائتة متلبسا بشيء مما ذكرنا من الثوب النجس أو الحرير لا إعادة عليه، لأن الإعادة منوطة بالوقت وبالفراغ من صلاة الفائتة خرج وقتها والنافلة وقتها ما تقع فيه وليس لها وقت ممتد يبقى بعد فعلها حتى يطالب بإعادتها فيه، والله أعلم .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصبه وسلم تسليماً كثيراً .

ليست هناك تعليقات: