الأحد، 25 فبراير 2018

دروس البيقونية ( 9 )

تقديم الشيخ : محمد ولد المصطفى الأنصاري
الدرس التاسع من شرح كتاب البيقونية في مصطلح الحديث
القسم الحادي عشر الحَدِيث المعنعن ، وشبيهه المؤنن ، القسم الثاني عشر الحَدِيث الْمُبْهم                          
   قال المؤلف رحمه الله:                                                                                                                    مَعَنْعَنٌ كَعَن سَعِيدٍ عَنْ كَرَمْ ... وَمُبْهَمٌ مَا فِيهِ رَاوٍ لَمْ يُسَمْ .
سنتكلم هنا عن ثلاث أقسام:  الحديث المعنعن وشبيهه الحديث المؤنن . والحديث المبهم .
المعنعن مأخوذٌ من كلمة "عن" وهو: ما أُدي بصيغة عن.
وهذا هو القسم الحادي عشر، من أقسام الحديث المذكورة في هذا النظم مثل أن يقول: عن نافع عن ابن عمر - رضي الله عنهما - ومثل أن يقول: حدثني فلان، عن فلان، واقتصر المؤلف على التعريف بالمثال؛ لأن التعريف بالمثال جائز، إذ أن المقصود بالتعريف هو إيضاح المعرَّف، والمثال قد يُغني عن الحد، والمثال الذي ذكره المؤلف هو "عن سعيد عن كرم" فيقول أروي هذا الحديث عن سعيد عن كرم، هذا هو المعنعن. وهناك نوع آخر مثله وهو المؤنن، وهو ما روي بلفظ "أن"، مثل أن يقول: حدثني فلان أن فلاناً قال: إلخ . وحكم المعنعن والمؤنن هو: الاتصال، إلا ممن عُرف بالتدليس، فإنه لا يُحكم باتصاله إلا بعد أن يُصرح بالسماع في موضع آخر. ومن ثم نحتاج إلى معرفة المدلسين، وذلك لكي تستطيع أن تعرف الحديث إذا جاء بلفظ "عن"، وكان عن مدلس فإنه لا يُحكم له بالاتصال، لأن المدلس قد يُسقط الراوي الذي بينه وبين المذكور تدليساً، لأن الراوي الذي أسقطه قد يكون ضعيفاً في روايته، أو في دينه، فيُسقطه حتى يظهر السند بمظهر الصحيح، فهذا لا نحمله على الاتصال ونخشى من تدليسه، وهذا من احتياط أهل العلم لسنة النبي صلى الله عليه وسلّم، ومن نعمة الله تعالى على هذه الأمة حيث إنهم كانوا يتحرزون أشد التحرز فيما يُنسب إلى النبي صلى الله عليه وسلّم.
مُعَنْعَن بِفَتْح الْعَينَيْنِ هُوَ الحَدِيث الَّذِي رُوِيَ بِلَفْظ عَن من غير بَيَان للتحديث أَو الْأَخْبَار أَو السماع وَاكْتفى النَّاظِم عَن تَعْرِيفه بالمثال فَقَالَ كعن سعيد وَعَن كرم .
وَحكمه عِنْد الْجُمْهُور الِاتِّصَال بِشَرْطَيْنِ سَلامَة معنعنة من التَّدْلِيس وَثبُوت ملاقاته لمن روى بعن عِنْد البُخَارِيّ فِي جَامِعه وَاكْتفى مُسلم أَي فِي صَحِيحه عَن الشَّرْط الثَّانِي بِثُبُوت كَونهمَا فِي عصر وَاحِد وَمثله الحَدِيث المؤنن وَهُوَ مَا رُوِيَ بِلَفْظ أَن كحدثنا فلَان أَن فلَانا قَالَ كَذَا .
وأما  الحَدِيث الْمُبْهم
ومبهم من الحَدِيث أَي حَده هُوَ مَا أَي حَدِيث فِيهِ راو لم يسم أَي لم يذكر باسمه بل أبهم وأخفى سَوَاء كَانَ رجلا أَو امْرَأَة فِي الْمَتْن والإسناد مِثَاله فِي الْمَتْن حَدِيث عَائِشَة أَن امْرَأَة سَأَلت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن غسلهَا من الْمَحِيض قَالَ خذي فرْصَة من مسك فتطهري بهَا . الحَدِيث . والفرصة بِكَسْر الْفَاء قِطْعَة من صوف وَنَحْوه ومثاله فِي الإسناد مَا إذا قيل حَدثنِي سُفْيَان عَن رجل وَحكمه الضعْف إِذا كَانَ فِي السَّنَد وَلم يعلم لعدم وُرُوده فِي طَرِيق أُخْرَى أما فِي الْمَتْن فَلَا يضر وَفَائِدَته مَعْرفَته زَوَال الْجَهَالَة . وحكم المبهم أن حديثه لا يُقبل، حتى يُعلم من هو هذا المبهم، وذلك لجهالتنا بحال هذا المبهم، إلا المبهم من الصحابة فإن إبهامه لا يضر، لأن الصحابة كلهم عدولٌ ثقاتٌ بشهادة الله تعالى لهم في قوله تعالى: ( رضي الله عنهم ورضوا عنه )، وقوله:  {وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} .
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .

ليست هناك تعليقات: