الدرس الثامن من شرح كتاب الأخضري رحمه الله
تقديم الشيخ : محمد ولد المصطفى الأنصاري
آداب إسـلامـية قال المؤلف رحمه الله :
وَسُمْعَةٌ وَحَسَدٌ وَالْبُغْضُ مَعْ ** رُؤْيَتِهِ الْفَضْلَ عَلَى الْغَيْرِ امْتَنَعْ
السمعة مشتقة من سمّع، تقول: سمّع الناس بعمله، أي أظهره لهم بعد أن كان سرا و اصطلاحاً هي : إطلاع المسلمُ الناسَ على ما يصدر منه من الصالحات طلبا للمنزلة والمكانة عندهم، أو طمعا في دنياهم، فإن وقعت أمامهم ورأوها فذلك هو الرياء، وإن لم تقع أمامهم لكنه حدّثهم بها فتلك السمعة ، والفرق الذي بين الرياء والسمعة هو أن الرياء يعمل لغير الله، والسمعة أن يخفي عمله لله، ثم يحدث به الناس" ، وبذلك يكون الرياء كلّه مذموم، أما السمعة فقد تكون مذمومة إذا قصد بالحديث عن عمله وجه الناس، ومحمودة إذا قصد بذلك وجه الله وابتغاء مرضاته.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سمّع سمع الله به ومن راءى راءى الله به" متفق عليه . والسمعة إذا قصد بها إظهار العبادة للمخلوق طلبا للمنزلة والمكانة عنده فهي محرمة مثلها مثل الرياء لأن الرياء قصدٌ قبل العمل أو معه والسمعة قصدٌ بعد العمل بإظهار العبادة للناس .
الحسد : تعريفه هو تمني زوال النعمة عن المحسود وإن لم يصر للحاسد مثلها . أنواعه : كراهة للنعمة على المحسود مطلقاً وهذا هو الحسد المذموم . أن يكره فضل ذلك الشخص عليه فيحب أن يكون مثله أو أفضل منه وهذا الغبطة . مراتب الحسد : يتمني زوال النعمة عن الغير .
يتمنى زوال النعمة ويحب ذلك وإن كانت لا تنتقل إليه . أن يتمنى زوال النعمة عن الغير بغضاً لذلك الشخص لسبب شرعي كأن يكون ظالماً .
ألا يتمنى زوال النعمة عن المحسود ولكن يتمنى لنفسه مثلها ، وإن لم يحصل له مثلها تمنى زوالها عن المحسود حتى يتساويا .
أن يحب ويتمنى لنفسه مثلها فإن لم يحصل له مثلها فلا يحب زوالها عن مثله وهذا لا بأس به. حكم الحسد المذموم أنه محرم بإجماع الأمة وهو من كبائر الذنوب . قال الله عزَّ وجلَّ: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} ، وقال : (وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ) ، وقال : ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفاراً حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ} . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" لاَ تَبَاغَضُوا، وَلاَ تَحَاسَدُوا، وَلاَ تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا، وَلاَ يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثِ لَيَالٍ» متفق عليه . البغض تعريفه : البُغْضُ بالضَّمِّ : ضِدُّ الحُبِّ " نَقله الجَوْهَرِيّ وهو ضِدُّ الحُبِّ يَلْزَمُه العَدَاوَةُ في الأَكْثَر لا أَنَّهما بمَعْنىً لِظَاهِرِ " إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ العَدَاوَةَ والبَغْضَاءَ " والبِغْضَةُ بالكَسْرِ والبَغْضَاءُ : شِدَّتُه " وكَذلِك البَغَاضَةُ ، " والتَّبْغِيضُ والتَّباغُضُ والتَّبَغُّضُ : ضِدُّ التَّحْبِيبِ والتَّحابُبِ والتَّحَبُّبِ "( والبغض ) هو أن يبغض الناس لما يرى لهم من الفضل أو يبغضهم لأي سبب من الأسباب الدنيوية وهو داء ومرض من أمراض القلوب يعبر عنه بالغل، كلما أتقدت ناره ازداد حكمه أنه محرم لا يجوز ، قال الله تعالى :( فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء ) ، وقال : ( قد بَدَت الْبغضَاء من أَفْوَاههم، وَمَا تخفي صُدُورهمْ أكبر ) ، وقال :( وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ } ، وسبق قوله صلى الله عليه وسلم :" لاَ تَبَاغَضُوا، وَلاَ تَحَاسَدُوا، وَلاَ تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا، وَلاَ يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثِ لَيَالٍ» متفق عليه .
( ورؤية الفضل على الغير ) في علم أو عمل أو رفعة أو مكانة أو غير ذلك مما يورث النفس عتوا وذلك يقع بسبب مرضي الكبر والعجب أو أحدهما وهو الذي أوقع إبليس اللعين في الحسرة حيث قال حين أمره الله بالسجود لآدم أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين . قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : النَّاسُ مِنْ جِهَةِ التَّمْثِيلِ أَكِفَاءُ ... أَبُوهُمُ آدَمُ وَالْأُمُّ حَوَّاءُ نَفْسٌ كَنَفْسٍ وَأَرْوَاحٌ مُشَاكَلَةٌ ... وَأَعْظُمٌ خُلِقَتْ فِيهِمْ وَأَعْضَاءُ فَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ مِنْ أَصْلِهِمْ نسب ... يُفَاخِرُونَ بِهِ فَالطِّينُ وَالْمَاءُ مَا الْفَضْلُ إِلَّا لِأَهْلِ الْعِلْمِ إِنَّهُمُ ... عَلَى الْهُدَى لِمَنِ اسْتَهْدَى أَدِلَّاءُ وَقَدْرُ كُلِّ امْرِئٍ مَا كَانَ يُحْسِنُهُ ... وَلِلرِّجَالِ عَلَى الْأَفْعَالِ سِيمَاءُ
وَضِدُّ كُلِّ امْرِئٍ مَا كَانَ يَجْهَلُهُ ... وَالْجَاهِلُونَ لِأَهْلِ الْعِلْمِ أَعْدَاءُ . وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق