الدرس الثالث والأربعون من شرح كتاب الأخضري رحمه الله
تقديم الشيخ : محمد ولد المصطفى الأنصاري
قال المؤلف رحمه الله
باب سـجود الـسهو
وَلاَ سُجُودَ لِفَرِيضَةٍ وَلاَ ** فَضِيلَةٍ وَسُنَّةٍ مِمَّا خَلاَ
سِراً وَجَهْراً فَعَلَى الْمُسِرِّ ** فِي الْجَهْرِ قَبْلِيٌّ بِعَكْسِ الْجَهْرِ
فَفِيهِ بَعْدِيٌ كَمَنْ تَكَلَّمَا ** سَاهِياً أَوْ قَبْلَ التَّمَامِ سَلَّمَا.
وَبَطَلَتْ بِزَيْدِ مِثْلِهَا وَإِنْ ** شَكَّ بِرُكْنٍ عَادَ وَالْبَعْدِيُ سِنْ
وَالشَّكُ فِي النُّقْصَانِ كَالتَّحَقُّقِ ** وَحَيْثُ شَكَّ فِي السَّلاَمِ وَبَقِي
سَلَّمَ بِالْقُرْبِ وَلَيْسَ يَسْجُدُ ** إِلاَّ تَوَسُّطاً وَجِداً تَفْسُدُ
الشرح:
ولا سجود لفريضة : يعني من نقص فريضة فلا يجزيه السجود عنها لأن جبر الخلل الواقع في الصلاة بالسجود مخصوص بغير الفرائض، وأما الفرائض فلا جبر بالسجود اتفاقا، بل إن أمكنه تدارك المتروك فأتى به، وإلا بطلت الصلاة، فمن تيقن أنه ترك ركعة كاملة أو شك في الترك حال تشهده وقبل سلامه فلابد من الإتيان بتلك الركعة. ولا سجود لنقص فضيلة من فضائل الصلاة ، و من سجد قبل السلام لنقص فضيلة أعاد الصلاة أبداً . ولا يكون السجود القبلي إلا لترك سنتين فأكثر، وأما السنة الواحدة فلا سجود لها، إلا السر والجهر، فمن أسر في الجهر سجد قبل السلام ومن جهر في السر سجد بعد السلام ، وأما ترك السجود عن التكبيرة الواحدة فهو المشهور، لأن السجود لا يترتب إلا عن سنتين أو سنة مؤكدة كالسر والجهر، فمن أسر في الصلاة الجهرية بأن أتى بالسر مكان الجهر فإنه يسن له السجود قبل السلام لأن السر بالنسبة للجهر نقص، ولذا ترتب عليه السجود قبل السلام، ومن جهر في الصلاة السرية فإنه يسن له السجود بعد السلام لأن الجهر بالنسبة للسر زيادة، ولذا ترتب عليه السجود بعد السلام . ومن تكلم في الصلاة ناسياً يسجد بعد السلام ما لم يكثر فإن كثر الكلام أو تعمده بطلت الصلاة ويعيد الصلاة أبداً . ومن سلم قبل تمام الصلاة ساهياً وتذكر ذلك بالقرب فإنه يرجع إلى الصلاة بإحرام لإصلاح صلاته ويأتي بما بقي عليه ثم يسجد بعد السلام، لتمحض الزيادة، إذ السلام الذي صدر منه زيادة محضة. ومن زاد في الصلاة مثلها ناسياً بطلت لأن الفعل الذي من جنس الصلاة: إما كثيراً أو يسيراً ، فالكثير منه الرباعية مثلها، واليسير أقل من المثل فمن سها بزيادة أربع ركعات في الصلاة الرباعية بطلت صلاته، وفي بطلانه بركعتين خلاف ، فقيل تبطل، وقيل لا تبطل ويسجد للسهو بعد السلام وهو المعتمد، وفي الثنائية أي الصبح مثلها ركعتان، ولا تبطل بزيادة ركعة على المشهور والجمعة بناء على أنها فرض يومها، وأما الثنائية السفرية فلا تبطل إلا بزيادة أربع ركعات. وتبطل في صلاة المغرب بزيادة أربع ركعات محققات. وتتحقق الركعة برفع الرأس من الركوع، فإذا رفع رأسه من ثامنة في رباعية أو من سابعة في ثلاثية أو من رابعة في ثنائية فقد بطلت الصلاة . ومن شك في كمال صلاته أتى بما شك فيه فإذا دار الشك بين كونه صلى أربعاً أو ثلاثاً فإنه يبني على المحقق، والمحقق في هذه الصور الثلاث، فيبني على الثلاث ويأتي بركعة رابعة لقوله عليه الصلاة والسلام :«إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ، فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى ثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا، فَلْيَطْرَحِ الشَّكَّ وَلْيَبْنِ عَلَى مَا اسْتَيْقَنَ، ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ، فَإِنْ كَانَ صَلَّى خَمْسًا شَفَعْنَ لَهُ صَلَاتَهُ، وَإِنْ كَانَ صَلَّى إِتْمَامًا لِأَرْبَعٍ كَانَتَا تَرْغِيمًا لِلشَّيْطَانِ» رواه مسلم، وعند مالك في هذه الصورة يسجد بعد السلام على قاعدته كل سهو في الزيادة بعد السلام . والشك في النقصان كتحققه، فمن شك في ركعة أو سجدة أتى بها وسجد بعد السلام أي أن المشكوك في تركه كالمحقق الترك، وحينئذ فيجب على من شك في ركعة أو سجدة أن يأتي بها، ولأجل احتمال الزيادة طلب منه السجود بعد السلام.ومن شك في السلام هل سلم أم لا يسلم ولا سجود عليه إن كان قريبا ولم ينحرف عن القبلة ولم يفارق الموضع فإن حصل الطول متوسط أو فارق الموضع يسجد بعد السلام فإن خرج من المسجد أو طال الوقت كثيراً أعاد الصلاة . قال حبيب الله : ليرجع تارك السلام ** إلى التشهد مع الإحرام وذاك إن توسط الطول كذا ** إن فارق الموضع فادر المأخذا يسجد في القسمين من بعد السلام ** والطول جدا مبطل نلت المرام وما عليه أن يكون قد قربا ** جداً سوى السلام فافهم تصبا وإن يكون قد انحرف فليسجدْ ** من غير تكبير ولا تشهدْ والطول بالخروج عند أشهبا ** والعتقي للعرف فيه ذهبا . وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً . اللَّهُمَّ إِننا نسأَلك صِحَة فِي إِيمَان ، وإيماناً فِي حسن خلق. ونجاحاً يتبعهُ فلاح. وَرَحْمَة مِنْك وعافية ، ومغفرة مِنْك ورضواناً " اللَّهُمَّ إِننا نعوذ بك من الْكفْر والفقر، ونعوذ بك من عَذَاب الْقَبْر، لَا إِلَه إِلَّا أَنْت " .
تقديم الشيخ : محمد ولد المصطفى الأنصاري
قال المؤلف رحمه الله
باب سـجود الـسهو
وَلاَ سُجُودَ لِفَرِيضَةٍ وَلاَ ** فَضِيلَةٍ وَسُنَّةٍ مِمَّا خَلاَ
سِراً وَجَهْراً فَعَلَى الْمُسِرِّ ** فِي الْجَهْرِ قَبْلِيٌّ بِعَكْسِ الْجَهْرِ
فَفِيهِ بَعْدِيٌ كَمَنْ تَكَلَّمَا ** سَاهِياً أَوْ قَبْلَ التَّمَامِ سَلَّمَا.
وَبَطَلَتْ بِزَيْدِ مِثْلِهَا وَإِنْ ** شَكَّ بِرُكْنٍ عَادَ وَالْبَعْدِيُ سِنْ
وَالشَّكُ فِي النُّقْصَانِ كَالتَّحَقُّقِ ** وَحَيْثُ شَكَّ فِي السَّلاَمِ وَبَقِي
سَلَّمَ بِالْقُرْبِ وَلَيْسَ يَسْجُدُ ** إِلاَّ تَوَسُّطاً وَجِداً تَفْسُدُ
الشرح:
ولا سجود لفريضة : يعني من نقص فريضة فلا يجزيه السجود عنها لأن جبر الخلل الواقع في الصلاة بالسجود مخصوص بغير الفرائض، وأما الفرائض فلا جبر بالسجود اتفاقا، بل إن أمكنه تدارك المتروك فأتى به، وإلا بطلت الصلاة، فمن تيقن أنه ترك ركعة كاملة أو شك في الترك حال تشهده وقبل سلامه فلابد من الإتيان بتلك الركعة. ولا سجود لنقص فضيلة من فضائل الصلاة ، و من سجد قبل السلام لنقص فضيلة أعاد الصلاة أبداً . ولا يكون السجود القبلي إلا لترك سنتين فأكثر، وأما السنة الواحدة فلا سجود لها، إلا السر والجهر، فمن أسر في الجهر سجد قبل السلام ومن جهر في السر سجد بعد السلام ، وأما ترك السجود عن التكبيرة الواحدة فهو المشهور، لأن السجود لا يترتب إلا عن سنتين أو سنة مؤكدة كالسر والجهر، فمن أسر في الصلاة الجهرية بأن أتى بالسر مكان الجهر فإنه يسن له السجود قبل السلام لأن السر بالنسبة للجهر نقص، ولذا ترتب عليه السجود قبل السلام، ومن جهر في الصلاة السرية فإنه يسن له السجود بعد السلام لأن الجهر بالنسبة للسر زيادة، ولذا ترتب عليه السجود بعد السلام . ومن تكلم في الصلاة ناسياً يسجد بعد السلام ما لم يكثر فإن كثر الكلام أو تعمده بطلت الصلاة ويعيد الصلاة أبداً . ومن سلم قبل تمام الصلاة ساهياً وتذكر ذلك بالقرب فإنه يرجع إلى الصلاة بإحرام لإصلاح صلاته ويأتي بما بقي عليه ثم يسجد بعد السلام، لتمحض الزيادة، إذ السلام الذي صدر منه زيادة محضة. ومن زاد في الصلاة مثلها ناسياً بطلت لأن الفعل الذي من جنس الصلاة: إما كثيراً أو يسيراً ، فالكثير منه الرباعية مثلها، واليسير أقل من المثل فمن سها بزيادة أربع ركعات في الصلاة الرباعية بطلت صلاته، وفي بطلانه بركعتين خلاف ، فقيل تبطل، وقيل لا تبطل ويسجد للسهو بعد السلام وهو المعتمد، وفي الثنائية أي الصبح مثلها ركعتان، ولا تبطل بزيادة ركعة على المشهور والجمعة بناء على أنها فرض يومها، وأما الثنائية السفرية فلا تبطل إلا بزيادة أربع ركعات. وتبطل في صلاة المغرب بزيادة أربع ركعات محققات. وتتحقق الركعة برفع الرأس من الركوع، فإذا رفع رأسه من ثامنة في رباعية أو من سابعة في ثلاثية أو من رابعة في ثنائية فقد بطلت الصلاة . ومن شك في كمال صلاته أتى بما شك فيه فإذا دار الشك بين كونه صلى أربعاً أو ثلاثاً فإنه يبني على المحقق، والمحقق في هذه الصور الثلاث، فيبني على الثلاث ويأتي بركعة رابعة لقوله عليه الصلاة والسلام :«إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ، فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى ثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا، فَلْيَطْرَحِ الشَّكَّ وَلْيَبْنِ عَلَى مَا اسْتَيْقَنَ، ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ، فَإِنْ كَانَ صَلَّى خَمْسًا شَفَعْنَ لَهُ صَلَاتَهُ، وَإِنْ كَانَ صَلَّى إِتْمَامًا لِأَرْبَعٍ كَانَتَا تَرْغِيمًا لِلشَّيْطَانِ» رواه مسلم، وعند مالك في هذه الصورة يسجد بعد السلام على قاعدته كل سهو في الزيادة بعد السلام . والشك في النقصان كتحققه، فمن شك في ركعة أو سجدة أتى بها وسجد بعد السلام أي أن المشكوك في تركه كالمحقق الترك، وحينئذ فيجب على من شك في ركعة أو سجدة أن يأتي بها، ولأجل احتمال الزيادة طلب منه السجود بعد السلام.ومن شك في السلام هل سلم أم لا يسلم ولا سجود عليه إن كان قريبا ولم ينحرف عن القبلة ولم يفارق الموضع فإن حصل الطول متوسط أو فارق الموضع يسجد بعد السلام فإن خرج من المسجد أو طال الوقت كثيراً أعاد الصلاة . قال حبيب الله : ليرجع تارك السلام ** إلى التشهد مع الإحرام وذاك إن توسط الطول كذا ** إن فارق الموضع فادر المأخذا يسجد في القسمين من بعد السلام ** والطول جدا مبطل نلت المرام وما عليه أن يكون قد قربا ** جداً سوى السلام فافهم تصبا وإن يكون قد انحرف فليسجدْ ** من غير تكبير ولا تشهدْ والطول بالخروج عند أشهبا ** والعتقي للعرف فيه ذهبا . وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً . اللَّهُمَّ إِننا نسأَلك صِحَة فِي إِيمَان ، وإيماناً فِي حسن خلق. ونجاحاً يتبعهُ فلاح. وَرَحْمَة مِنْك وعافية ، ومغفرة مِنْك ورضواناً " اللَّهُمَّ إِننا نعوذ بك من الْكفْر والفقر، ونعوذ بك من عَذَاب الْقَبْر، لَا إِلَه إِلَّا أَنْت " .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق