السبت، 24 فبراير 2018

دروس الأخضري ( 7 )

الدرس السابع من شرح كتاب الأخضري رحمه الله
تقديم الشيخ : محمد ولد المصطفى الأنصاري
                          آداب إسـلامـية                                                                                                                  قال المؤلف رحمه الله :                                                                                    
وَتَحْرُمُ الغِيبَةُ ثُمَّ الْكِذْبُ    نَمِيمَةٌ كِبْرٌ رِيَاءٌ عُجْبُ  .                                                      (الغيبة) محرمة  بإجماع الأمة وهي من كبائر الذنوب وهي أن يقول في غيبة غيره ما يكره،                 قال الله تعالى :  {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ}                   وقال: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً}                  وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" الغيبة ذكرك أخاك بما يكره قيل أَرَأَيْت إِن كَانَ فِي أخي مَا أَقُول قَالَ إِن كَانَ فِيهِ مَا تَقول فقد اغتبته وَإِن لم يكن فِيهِ فقد بَهته " رواه مسلم وأبو داود ، وقَالَ : "يَا مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يَدْخُلِ الْإِيمَانُ قَلْبَهُ لَا تَغْتَابُوا الْمُسْلِمِينَ وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ فَإِنَّهُ مَنْ يَتَّبِعْ عَوْرَاتِهِمْ يَتَّبِعْ اللَّهُ عَوْرَتَهُ وَمَنْ يَتَّبِعِ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ فِي بَيْتِهِ". رواه أحمد وأبو داود وصححه الألباني . وقال : «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت» متفق عليه وقال :  وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو قال: على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم؟! "، رواه الترمذي وصححه الألباني .                                                                                          ولَكِنْ تُبَاحُ الْغِيبَةُ لِغَرَضٍ شَرْعِيٍّ وَذَلِكَ لِسِتَّةِ أَسْبَابٍ أَحَدُهَا التَّظَلُّمُ فَيَجُوزُ لِلْمَظْلُومِ أَنْ يَتَظَلَّمَ إِلَى السُّلْطَانِ وَالْقَاضِي وَغَيْرِهِمَا مِمَّنْ لَهُ وِلَايَةٌ أَوْ قُدْرَةٌ عَلَى إِنْصَافِهِ مِنْ ظَالِمِهِ فَيَقُولُ ظَلَمَنِي فُلَانٌ أَوْ فَعَلَ بِي كَذَا . الثَّانِي الِاسْتِغَاثَةُ عَلَى تَغْيِيرِ الْمُنْكَرِ وَرَدِّ الْعَاصِي إِلَى الصَّوَابِ فَيَقُولُ لِمَنْ يَرْجُو قُدْرَتَهُ فُلَانٌ يَعْمَلُ كَذَا فَازْجُرْهُ عَنْهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ . الثَّالِثُ الِاسْتِفْتَاءُ بِأَنْ يَقُولَ لِلْمُفْتِي ظَلَمَنِي فُلَانٌ أَوْ أَبِي أَوْ أَخِي أَوْ زَوْجِي بِكَذَا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ وَمَا طَرِيقِي فِي الْخَلَاصِ مِنْهُ وَدَفْعِ ظُلْمِهِ عَنِّي وَنَحْوُ ذَلِكَ فَهَذَا جَائِزٌ لِلْحَاجَةِ وَالْأَجْوَدُ أَنْ يَقُولَ فِي رَجُلٍ أَوْ زَوْجٍ أَوْ وَالِدٍ وَوَلَدٍ كَانَ مِنْ أَمْرِهِ كَذَا وَمَعَ ذَلِكَ فَالتَّعْيِينُ جَائِزٌ لِحَدِيثِ هِنْدٍ وَقَوْلِهَا إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ الرَّابِعُ تَحْذِيرُ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الشَّرِّ وَذَلِكَ مِنْ وُجُوهٍ مِنْهَا جَرْحُ الْمَجْرُوحِينَ مِنَ الرُّوَاةِ وَالشُّهُودِ وَالْمُصَنِّفِينَ وَذَلِكَ جَائِزٌ بِالْإِجْمَاعِ بَلْ وَاجِبٌ صَوْنًا لِلشَّرِيعَةِ وَمِنْهَا الْإِخْبَارُ بِعَيْبِهِ عِنْدَ الْمُشَاوَرَةِ فِي مواصلته .                        
   الكذب هو الإخبار بالشيء على غير ما هو عليه ومحرم بإجماع الأمة وهو من كبائر الذنوب                                                                                     قال الله تعالى : " ( ألا لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ} ، وقال { فنجعل لعنة الله على الكاذبين } وقال : { وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} ، وقَالَ : {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ} ، وقال عليه الصلاة والسلام : " أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا: إِذَا ائْتُمِنَ خَانَ، وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ" . متفق عليه . وقال : " ليس الكذّاب الذي يُصلح بين الناس فينمى خيراً أو يقول خيراً" متفق عليه  .
النميمة وهي نقل الكلام عن المتكلم إلى غيره على وجه الإفساد وحقيقتها إفشاء السر وهتك الستر عما يكره كشفه ، وهي محرمة بإجماع الأمة ومن كبائر الذنوب                                                                                          قال الله تعالى : " هماز مشاء بنميم مناع للخير . وقال عليه الصلاة والسلام : " لا يدخل الجنة نمام " . متفق عليه . وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: مرَّ النبي صلى الله عليه وسلم  بحائط من حيطان المدينة أو مكة، فسمع صوت إنسانين يعذبان في قبورهما، فقال النبي صلى الله عليه وسلم  يعذبان وما يعذبان في كبير ثم قال: بلى، كان أحدهما لا يستتر من بوله ، وكان الآخر يمشي بالنميمة ، ثم دعا بجريدة فكسر كسرتين فوضع على كل قبر منهما كسرة، فقيل له: يا رسول الله  لم فعلت هذا ؟ قال: لعله أن يخفف عنهما ما لم ييبسا أو: إلى أن ييبسا " متفق عليه
الكبر  تعريفه : قال الفيومي: (الكبر بالكسر، اسم من التكبر، وقال ابن القوطية: الكبر اسم من كبر الأمر والذنب كبرا، إذا عظم، والكبر العظمة، والكبرياء مثله، وكابرته مكابرة غالبته مغالبة، وعاندته). معنى الكبر اصطلاحًا: معنى الكبر جاء تعريفه في الحديث، فقال صلى الله عليه وسلم: الكبر بطر الحق، وغمط الناس. رواه مسلم. وقال صاحب تاج العروس: الكِبْرُ: حالةٌ يتخصّص بها الإنسان من إعجابه بنفسه، وأن يرى نفسَه أَكْبَر من غيره. وقيل الكبر هو: (استعظام الإنسان نفسه، واستحسان ما فيه من الفضائل، والاستهانة بالناس، واستصغارهم، والترفع على من يجب التواضع له). وجاء فيها تعداد مظاهره: هناك مظاهر وسمات تظهر على المتكبر، في صفاته، وحركاته، وسكناته، تدل على ما وصل إليه من الكِبْر، والعجب بالنفس، والازدراء للآخرين، ومن ذلك : أن يحب قيام الناس له، أو بين يديه. أن لا يمشي إلا ومعه غيره يمشي خلفه. أن لا يزور غيره، وإن كان يحصل من زيارته خير لغيره في الدين. أن يستنكف من جلوس غيره بالقرب منه، إلا أن يجلس بين يديه. أن يتوقى من مجالسة المرضى، والمعلولين، ويتحاشى عنهم. أن لا يأخذ متاعه، ويحمله إلى بيته، وهو خلاف عادة المتواضعين. وقسمه العلماء إلى ظاهر وباطن فالظاهر أعمال تصدر عن الجوارح . والباطن خُلق في النفس وأشر أنواع الكبر ما يمنع استفادة العلم وقبول الحق والانقياد له فقد تحصل المعرفة للمتكبر ولكن لا تطاوعه نفسه على الإنقياد إلى الحق قال الله تعالى ( وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا ً)  . قال الله تعالى ( سأصرف عَن آياتي الَّذين يتكبرون فِي الأَرْض بِغَيْر الْحق )                                     وقال : (إن الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها لا تفتح لهم أبواب السماء)  .                                                                                             قَالَ عليه الصلاة والسلام : «أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ الجَنَّةِ؟ كُلُّ ضَعِيفٍ مُتَضَاعِفٍ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ. أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ النَّارِ؟ كُلُّ عُتُلٍّ جَوَّاظٍ مُسْتَكْبِرٍ»  متفق عليه ، وقَالَ عليه الصلاة والسلام : "لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ. رواه مسلم والترمذي . وقال صلى الله عليه وسلم: الكبر بطر الحق، وغمط الناس. رواه مسلم.                                                                                                  
قال القحطاني في نونيته : واخلع رداء الكبر عنك فإنه ... لا يستقل بحمله الكتفان .
الرياء وتعريفه مصدر راءى يرائي رياء فهو مراء ، والمعنى أن يفعل العمل ليراه الناس ، يصلي ليراه الناس ، يتصدق ليراه الناس ، قصده أن يمدحوه ويثنوا عليه ، ويعرفوا أنه يتصدق أو أنه يصلي ، أو يحج أو يعتمر لذلك ، أو ما أشبه ذلك ، وهكذا إذا قرأ ليمدحوه ، ويسمى السمعة ، إذا كان بالأقوال يسمى السمعة ، أو أمر بمعروف أو نهي عن منكر ليمدح ، ويثني عليه ، لا لله وحده سبحانه وتعالى ، فهذا من الرياء في الأفعال ، ويقال لما يسمع سمعة ، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم:  من سمع سمع الله به ، ومن راءى راءى الله به  ويقول عليه الصلاة والسلام:  أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر. فسئل عنه ، فقال: الرياء  .
قَالَ الله تَعَالَى محذرا من الرياء : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ } ، وقَالَ في وصف المنافقين : {وَإِذا قَامُوا إِلَى الصَّلَاة قَامُوا كسَالَى يراءون النَّاس وَلَا يذكرُونَ الله إِلَّا قَلِيلا} .
وقال النبي عليه الصلاة والسلام : "أَخْوَفُ مَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي الشِّرْكُ الْأَصْغَرُ"، قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَمَا الشرك الأصغر؟ قال: "الرياء" رواه أحمد وصححه الألباني .
وقال : "ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي من المسيح الدجال؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: الشرك الخفي؛ يقوم الرجل فيصلي فيزين صلاته لما يرى من نظر رجل" رواه أحمد وابن ماجه وحسنه الألباني .                                                                                          العجب هو رؤية العبادة، واستعظامها من العبد، فهو معصية تكون بعد العبادة، ومتعلقة بها هذا التعلق الخاص، كما يتعجب العابد بعبادته، والعالم بعلمه، وكل مطيع بطاعته، هذا حرام غير مفسد للطاعة؛ لأنه يقع بعدها، بخلاف الرياء، فإنه يقع معها فيفسدها، وسر تحريم العجب أنه سوء أدب مع الله تعالى، فإن العبد لا ينبغي له أن يستعظم ما يتقرب به إلى سيده، بل يستصغره بالنسبة إلى عظمة سيده، لا سيما عظمة الله تعالى؛ فمن أعجب بنفسه وعبادته فقد أهلك نفسه وعرضها لمقت الله تعالى، وسخطه، ونبه على ضد ذلك قوله تعالى: {والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون} معناه: يفعلون من الطاعات ما يفعلون وهم خائفون من لقاء الله تعالى بتلك الطاعة احتقارًا لها، وهذا يدل على طلب هذه الصفة، والنهي عن ضدها، فالكبر راجع للخلق والعباد، والعجب راجع للعبادة. وقـد نهى الله عن تزكية النفس، بمعنى اعتقاد خيريتها والتمدّح بها، فقال: {فَلا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ} [النجم: 32]، كما نهى عن المنّ بالصدقة فقال: {لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأَذَى} [البقرة: 264]، والمنّ يحصل نتيجة استعظام الصدقة، واستعظام العمل هو العُجب. والإعجاب بالنفس شر وأي شر، قال ابن المبارك: (لا أعلم في المصلين شيئاً أشر من العجب). ولعل المرء يدافع الرياء ويحس به، بيد أنه لا يشعر بما في داخله من العجب المحبط، ومن أجل ذلك كـــان مهلكاً بنفسه». وهو محرم ومن كبائر الذنوب  . قال عليه الصلاة والسلام «بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي فِي حُلَّةٍ، تُعْجِبُهُ نَفْسُهُ، مُرَجِّلٌ جُمَّتَهُ، إِذْ خَسَفَ اللَّهُ بِهِ، فَهُوَ يَتَجَلْجَلُ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ» متفق عليه ، وقال عليه الصلاة والسلام: «ثلاث مهلكات: شح مطاع، وهوى متبع، وإعجاب المرء بنفسه } رواه أبو نعيم في الحلية وحسنه الألباني . وَقَالَ مُطَرِّفٌ: لَأَنْ أَبِيتَ نَائِمًا وَأُصْبِحَ نَادِمًا أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أَبِيتَ قَائِمًا وَأُصْبِحَ مُعْجَبًا .

ليست هناك تعليقات: