الأحد، 25 فبراير 2018

دروس البيقونية ( 15 )

تقديم الشيخ : محمد ولد المصطفى الأنصاري
الدرس الخامس عشر من شرح كتاب البيقونية في مصطلح الحديث
القسم التاسع عشر الحديث المدلس    
       قال المؤلف رحمه الله :                                                                                                                    وما أتى مُدلساً نَوعانِ                                                                                                                        الأَوَّلُ: الاسْقَاطُ لِلشَّيْخِ وَأَنْ ... ينقلُ عَمَّنْ فَوْقَهُ بِعَنْ وَأَنْ
والثَّانِ: لاَ يُسْقِطُهُ لَكِنْ يَصِفْ ... أَوْصَافَهُ بِمَا بِهِ لاَ ينعرف.
الشرح :
المدلس مأخوذ من التدليس، وأصله من الدُّلسة وهي الظلمة، والتدليس في البيع هو أن يُظهر المبيع بصفةٍ أحسن مما هو عليه في الواقع، مثل أن يصري اللبن في ضرع البهيمة، أو أن يصبغ الجدار بأصباغ يظنُّ الرائي أنّه جديد، وهو ليس كذلك.
أما التدليس في الحديث فينقسم إلى قسمين: كما قال المؤلف - رحمه الله - "وما أتى مدلساً نوعان" :
الأول: ما ذكره بقوله:
الأول الإسقاط للشيخ وأن ... ينقلُ عمن فوقه بعن وأن
وهذا تدليس التسوية، بان يسقط الراوي شيخه، ويروي عمن فوقه بصيغة ظاهرها الاتصال. كما لو قال: خالدٌ: إنّ عليًّا قال كذا وكذا، وبين خالد وعلي رجل اسمه محمد، وهو قد أسقط محمداً ولم يذكره، وقال إن عليًّا قال كذا وكذا.
وهذا تدليس وهو في الحقيقة لم يكذب بل هو صادق، لكن هناك بعض الأسباب تحمل الراوي على التدليس: كأن يريد الراوي أن يخفي نفسه لئلا يُقال عنه أنه أخذ عن هذا الشيخ مثلاً، أو أخفى ذلك لسبب ما ، أو لأنه يخشى على نفسه من سلطان أو نحوه، أو لغير ذلك من الأسباب الأخرى، أو لأجل أن الشيخ الذي أسقطه غير مقبول الرواية، إما لكونه ضعيف الحفظ، أو لكونه قليل الدين، أو لأن شيخه الذي روى عنه أقل مرتبة منه، أو ما أشبه ذلك.
المهم أن أسباب إسقاط الشيخ كثيرة غير محصورة، لكن أسوأها أن يكون الشيخ غير عدل، فيسقطه من أجل أن يصبح الحديث مقبولاً، لأن هذا يترتب عليه أحكام شرعية كثيرة، وربما يكون الحديث مكذوباً من قبل الشيخ الساقط.
ولا يقبل حديث المدلس، ولو كان الراوي ثقة، إلا إذا صرح بالتحديث وقال: حدثني فلان، أو سمعت فلاناً، فحينئذ يكون متصلاً.
القسم الثاني: تدليس الشيوخ: وهو ألا يُسقط الشيخ ولكن يصفه بأوصاف لا يعرف بها، وإليه الإشارة بقوله:
والثاني لا يسقطه لكن يصف ... أوصافه بما به لا ينعرف
مثل أن يسمي أحد شيوخه باسم غير اسمه، أو بلقبٍ غير لقبه، وهو لا يمكن أن يُعرف إلا بذلك الذي لم يسمه به، أو يصفُهُ بصفةٍ عامة كمن يقول: حدثني من أنفه بين عينيه، أو حدثني من جلس للتحديث. والسبب الذي دفع الراوي أن يفعل ذلك هو مثل الأسباب التي تقدمت في النوع الأول، لأنه يخفي اسم الشيخ حتى لا يوسم الحديث بالضعف، أو لأجل أن لا يرد الحديث، أو لأسباب أخرى. وهذا النوع كسابقه غير مقبول إلا إذا وصف من دلسه بما يعرف به فينظر في حاله.
 والله تعالى أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً .

ليست هناك تعليقات: