الدرس الثاني والأربعون من شرح كتاب الأخضري رحمه الله
تقديم الشيخ : محمد ولد المصطفى الأنصاري
قال المؤلف رحمه الله:
باب سـجود الـسهو
سُنَّ لِسَهْوٍ قَلَّ سَجْدَتَانِ ** قَبْلَ السَّلاَمِ حَالَةَ النُّقْصَانِ بَعْدَ التَّشَهُّدِ وَزِدْ بَعْدَهُمَا ** تَشَهُّداً مُقَصِّراً وَسَلِّمَا. وَلِلزِّيَادَةِ كَذَلِكَ بَعَدْ ** سَلاَمِهِ وّالنَّقْصَ غَلِّبْ إِنْ يُزَدْ وَلْيُقْضَ قِبْلِيٌّ دَنَا وَإِنْ يُطَلْ ** أَوْ خَرَجَ الْمَسْجِدَ فَاتَ وَبَطَلْ فَرْضُكَ إِنْ كَانَ ثَلاَثٌ سنَنَهْ ** وَلْيُقْضَ بَعْدِيٌّ وَلَوْ بَعْدَ سَنَهْ
الشرح:
حكم سجود السهو والسهو هو : الذهول عن الشيء، تقدم له ذكر أم لا. ونتكلم هنا عن حكمه وصفته ومحله. وحكمه : أنه سنة وصفته : أنه سجدتان ولو تكرر سهوه. ومحله: إن ترتب عن نقص كان قبل السلام لحديث عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ بُحَيْنَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ مِنَ اثْنَتَيْنِ مِنَ الظُّهْرِ لَمْ يَجْلِسْ بَيْنَهُمَا، فَلَمَّا قَضَى صَلاَتَهُ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ . متفق عليه . وإن ترتب السهو عن زيادة كان بعد السلام لحديث أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال :" صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِحْدَى صَلَاتَيِ الْعَشِيِّ، إِمَّا الظُّهْرَ، وَإِمَّا الْعَصْرَ، فَسَلَّمَ فِي رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَتَى جِذْعًا فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ، فَاسْتَنَدَ إِلَيْهَا مُغْضَبًا، وَفِي الْقَوْمِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَهَابَا أَنْ يَتَكَلَّمَا، وَخَرَجَ سَرَعَانُ النَّاسِ، قُصِرَتِ الصَّلَاةُ، فَقَامَ ذُو الْيَدَيْنِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أَقُصِرَتِ الصَّلَاةُ أَمْ نَسِيتَ؟ فَنَظَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمِينًا وَشِمَالًا، فَقَالَ: «مَا يَقُولُ ذُو الْيَدَيْنِ؟» قَالُوا: صَدَقَ، لَمْ تُصَلِّ إِلَّا رَكْعَتَيْنِ، «فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ كَبَّرَ، ثُمَّ سَجَدَ، ثُمَّ كَبَّرَ فَرَفَعَ، ثُمَّ كَبَّرَ وَسَجَدَ، ثُمَّ كَبَّرَ وَرَفَعَ " . متفق عليه . وإن ترتب عن زيادة ونقص كان قبل السلام. يعني أن من سها في صلاته فنقص شيئا من سننها ومع ذلك زاد فيها شيئا يسيرا مثل أن يترك التشهد ويزيد سجدة فإنه يغلب النقص على الزيادة ويسجد قبل السلام ثم يتشهد ثانيا ويسلم، ووجه إعادة التشهد ثانيا أن من سنة السلام أن يعقب تشهدا. وسجود السهو سنة لا فرق بين القبلي والبعدي ، ولا فرق أيضا بين الصلاة المفروضة والنافلة على ما سيأتي تفصيله ، فللنقصان سجدتان قبل السلام بعد تمام التشهدين يزيد بعدهما تشهد آخر ليس كل نقص يجبر بالسجود إذ من النقص ما لا يجبر إلا بالإتيان به مثل ما لو ترك ركنا من الصلاة، كالركوع مثلا، ومنه ما لا يطلب له سجود مثل ما لو ترك فضيلة أو سنة خفيفة، بل السجود للفضيلة مبطل للصلاة. وإنما الذي ينجبر بالسجود السنن المؤكدة وهي ثمانية: قراءة ما زاد على أم القرآن، والسر والجهر في الفريضة، كل في محله، والتكبير سوى تكبيرة الإحرام، وقول سمع الله لمن حمده، والتشهد الأول، والجلوس له، والتشهد الأخير، ولا يسجد لغير هذه الثمانية، فمن ترك شيئا من هذه الثمانية سجد سجدتين قبل السلام وبعد أن يتمم تشهده الأول والثاني ثم يتشهد ويسلم، إذ من سنة السلام أن يعقب تشهدا وهو اختيار ابن القاسم، وقيل لا يعيد التشهد وهو مروي عن مالك أيضا واختاره عبد الملك لأن سنة الجلوس الواحد لا يكرر فيه التشهد مرتين. وللزيادة سجدتان بعد السلام، يتشهد بعدهما ويسلم . يعني أن من زاد شيئا في صلاته، بشرط كون الزيادة من جنس اليسير، إذ الزيادة الكثيرة مبطلة للصلاة، سواء كانت من أقوال الصلاة كالكلام نسيانا أو كانت من غير جنس أفعال الصلاة مثل أن ينسى أنه في صلاة فيأكل ويشرب، أو كانت من جنس أفعال الصلاة الكثير منه في الرباعية مثلها أربع ركعات وفي بطلانها بنصها قولان، فقيل تبطل. ولا فرق في الزيادة اليسيرة التي تجبر بالسجود بين كونها من أقوال الصلاة كالتكلم ساهيا، أو كانت من جنس أفعال الصلاة كالركوع والسجود، فمن سها بزيادة شيء في صلاته فإنه يسن له أن يسجد سجدتين بعد السلام ثم يتشهد على جهة السنية كتشهد الجلوس الأول ثم يسلم جهراً، وجهره سنة كالفريضة، ومن نسي السجود القبلي حتى سلم سجد إن كان قريباً، وإن طال أو خرج من المسجد بطل السجود وتبطل الصلاة معه إن كان عن ثلاث سنن أو أكثر من ذلك، وإلا فلا تبطل وناب السجود البعدي عن السجود القبلي لعذره بالنسيان، أو إن طال تذكره بأن بعد ما بين تذكره وانصرافه من الصلاة وخرج من المسجد بطل السجود وتبعه بطلان الصلاة، حيث كان مترتبا عن نقص ثلاث سنن، كنسيان الجلوس الوسط أو ثلاث تكبيرات أو تحميدات، وأما إن كان مترتبا عن سنتين خفيفتين كالسورة التي تقرأ بعد أم القرآن وكالتحميدتين وطال الأمر فلا سجود عليه ولا بطلان ، ومن نسي السجود البعدي سجده ولو بعد عام ، لا مفهوم للنسيان ومثله الترك عمدا، فمن ترك السجود البعدي أي الذي يفعل بعد السلام عمداً أو نسياناً فليسجده وإن طال الزمن، لأنه ترغيم للشيطان، فناسب أن يسجده وإن بعد الزمن.
تقديم الشيخ : محمد ولد المصطفى الأنصاري
قال المؤلف رحمه الله:
باب سـجود الـسهو
سُنَّ لِسَهْوٍ قَلَّ سَجْدَتَانِ ** قَبْلَ السَّلاَمِ حَالَةَ النُّقْصَانِ بَعْدَ التَّشَهُّدِ وَزِدْ بَعْدَهُمَا ** تَشَهُّداً مُقَصِّراً وَسَلِّمَا. وَلِلزِّيَادَةِ كَذَلِكَ بَعَدْ ** سَلاَمِهِ وّالنَّقْصَ غَلِّبْ إِنْ يُزَدْ وَلْيُقْضَ قِبْلِيٌّ دَنَا وَإِنْ يُطَلْ ** أَوْ خَرَجَ الْمَسْجِدَ فَاتَ وَبَطَلْ فَرْضُكَ إِنْ كَانَ ثَلاَثٌ سنَنَهْ ** وَلْيُقْضَ بَعْدِيٌّ وَلَوْ بَعْدَ سَنَهْ
الشرح:
حكم سجود السهو والسهو هو : الذهول عن الشيء، تقدم له ذكر أم لا. ونتكلم هنا عن حكمه وصفته ومحله. وحكمه : أنه سنة وصفته : أنه سجدتان ولو تكرر سهوه. ومحله: إن ترتب عن نقص كان قبل السلام لحديث عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ بُحَيْنَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ مِنَ اثْنَتَيْنِ مِنَ الظُّهْرِ لَمْ يَجْلِسْ بَيْنَهُمَا، فَلَمَّا قَضَى صَلاَتَهُ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ . متفق عليه . وإن ترتب السهو عن زيادة كان بعد السلام لحديث أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال :" صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِحْدَى صَلَاتَيِ الْعَشِيِّ، إِمَّا الظُّهْرَ، وَإِمَّا الْعَصْرَ، فَسَلَّمَ فِي رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَتَى جِذْعًا فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ، فَاسْتَنَدَ إِلَيْهَا مُغْضَبًا، وَفِي الْقَوْمِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَهَابَا أَنْ يَتَكَلَّمَا، وَخَرَجَ سَرَعَانُ النَّاسِ، قُصِرَتِ الصَّلَاةُ، فَقَامَ ذُو الْيَدَيْنِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أَقُصِرَتِ الصَّلَاةُ أَمْ نَسِيتَ؟ فَنَظَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمِينًا وَشِمَالًا، فَقَالَ: «مَا يَقُولُ ذُو الْيَدَيْنِ؟» قَالُوا: صَدَقَ، لَمْ تُصَلِّ إِلَّا رَكْعَتَيْنِ، «فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ كَبَّرَ، ثُمَّ سَجَدَ، ثُمَّ كَبَّرَ فَرَفَعَ، ثُمَّ كَبَّرَ وَسَجَدَ، ثُمَّ كَبَّرَ وَرَفَعَ " . متفق عليه . وإن ترتب عن زيادة ونقص كان قبل السلام. يعني أن من سها في صلاته فنقص شيئا من سننها ومع ذلك زاد فيها شيئا يسيرا مثل أن يترك التشهد ويزيد سجدة فإنه يغلب النقص على الزيادة ويسجد قبل السلام ثم يتشهد ثانيا ويسلم، ووجه إعادة التشهد ثانيا أن من سنة السلام أن يعقب تشهدا. وسجود السهو سنة لا فرق بين القبلي والبعدي ، ولا فرق أيضا بين الصلاة المفروضة والنافلة على ما سيأتي تفصيله ، فللنقصان سجدتان قبل السلام بعد تمام التشهدين يزيد بعدهما تشهد آخر ليس كل نقص يجبر بالسجود إذ من النقص ما لا يجبر إلا بالإتيان به مثل ما لو ترك ركنا من الصلاة، كالركوع مثلا، ومنه ما لا يطلب له سجود مثل ما لو ترك فضيلة أو سنة خفيفة، بل السجود للفضيلة مبطل للصلاة. وإنما الذي ينجبر بالسجود السنن المؤكدة وهي ثمانية: قراءة ما زاد على أم القرآن، والسر والجهر في الفريضة، كل في محله، والتكبير سوى تكبيرة الإحرام، وقول سمع الله لمن حمده، والتشهد الأول، والجلوس له، والتشهد الأخير، ولا يسجد لغير هذه الثمانية، فمن ترك شيئا من هذه الثمانية سجد سجدتين قبل السلام وبعد أن يتمم تشهده الأول والثاني ثم يتشهد ويسلم، إذ من سنة السلام أن يعقب تشهدا وهو اختيار ابن القاسم، وقيل لا يعيد التشهد وهو مروي عن مالك أيضا واختاره عبد الملك لأن سنة الجلوس الواحد لا يكرر فيه التشهد مرتين. وللزيادة سجدتان بعد السلام، يتشهد بعدهما ويسلم . يعني أن من زاد شيئا في صلاته، بشرط كون الزيادة من جنس اليسير، إذ الزيادة الكثيرة مبطلة للصلاة، سواء كانت من أقوال الصلاة كالكلام نسيانا أو كانت من غير جنس أفعال الصلاة مثل أن ينسى أنه في صلاة فيأكل ويشرب، أو كانت من جنس أفعال الصلاة الكثير منه في الرباعية مثلها أربع ركعات وفي بطلانها بنصها قولان، فقيل تبطل. ولا فرق في الزيادة اليسيرة التي تجبر بالسجود بين كونها من أقوال الصلاة كالتكلم ساهيا، أو كانت من جنس أفعال الصلاة كالركوع والسجود، فمن سها بزيادة شيء في صلاته فإنه يسن له أن يسجد سجدتين بعد السلام ثم يتشهد على جهة السنية كتشهد الجلوس الأول ثم يسلم جهراً، وجهره سنة كالفريضة، ومن نسي السجود القبلي حتى سلم سجد إن كان قريباً، وإن طال أو خرج من المسجد بطل السجود وتبطل الصلاة معه إن كان عن ثلاث سنن أو أكثر من ذلك، وإلا فلا تبطل وناب السجود البعدي عن السجود القبلي لعذره بالنسيان، أو إن طال تذكره بأن بعد ما بين تذكره وانصرافه من الصلاة وخرج من المسجد بطل السجود وتبعه بطلان الصلاة، حيث كان مترتبا عن نقص ثلاث سنن، كنسيان الجلوس الوسط أو ثلاث تكبيرات أو تحميدات، وأما إن كان مترتبا عن سنتين خفيفتين كالسورة التي تقرأ بعد أم القرآن وكالتحميدتين وطال الأمر فلا سجود عليه ولا بطلان ، ومن نسي السجود البعدي سجده ولو بعد عام ، لا مفهوم للنسيان ومثله الترك عمدا، فمن ترك السجود البعدي أي الذي يفعل بعد السلام عمداً أو نسياناً فليسجده وإن طال الزمن، لأنه ترغيم للشيطان، فناسب أن يسجده وإن بعد الزمن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق