الدرس الثامن والعشرون من شرح كتاب الأخضري رحمه الله تقديم الشيخ : محمد ولد المصطفى الأنصاري
قال المؤلف رحمه الله
الحـيض
وَأَكْثُرُ الْحَيْضِ لِذَاتِ الاِبْتِدَا ** أَقَلُّ طُهْرٍ نِصْفُ شَهْرٍ أَبَدَا وَأَكْثُرُ الْعَادَةِ لِلْمُعْتَادَةِ ** وَاسْتَظْهَرَتْ إِنْ زَادَ بِالثَّلاَثَةِ مَالَمْ تُجَاوِزْ حَدَّهُ وَاسْتَكْثِرِ ** لِحَامِلٍ بَعْدَ ثَلاَثِ أَشْهُرِ عِشْرِينَ يَوْماً ثُمَّ بَعْدَ سِتَّةٍ ** شَهْراً وَمَعْ تَقَطُّعٍ لَفَّقَتِ أَيَّامَهُ حَتَّى تُتِمَّ الْعَادَةْ ** بَادِئاً أَوْ حَامِلاً أَوْ مُعْتَادَةْ .
الشرح
قال الله تعالى : {وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنّ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ } .
يعرف الحيض بأنه الدم الخارج بنفسه من قبل من تحمل عادة، وأكثره في حق المبتدئة خمسة عشر يوما ولا حد لأقله من حيث الزمن وله حد من حيث المقدار، فتعد الدفقة حيضا. والنساء مبتدئة ومعتادة وحامل، وأكثر الحيض للمبتدئة خمسة عشر يوماً، وللمعتادة عادتها فإذا تمادى عليها الدم زادت ثلاثة أيام ما لم تجاوز خمسة عشر يوماً ، فالمبتدئة هي التي لم يسبق لها حيض ولم تقر لها عادة، فإن تمادى بها الدم زيادة على عادة النساء فلا يعتبر منه بالنسبة للحيض إلا خمسة عشر يوماً، وبعد هذا يحكم لها بحكم النقاء من الحيض، فتصوم وتصلي إلى غير ذلك من الأحكام، فأكثره بالنسبة لها خمسة عشر يوما. وأما من سبق لها الحيض وتقررت لها عادة، إن تمادى نزول الدم عليها وزاد على عادتها فإنها تستظهر بثلاثة أيام على عادتها، فإن كانت عادتها عشرة أيام مثلا استظهرت بثلاثة أيام، وإن كانت عادتها ثلاثة عشر استظهرت بيومين، وإن كانت أربعة عشر استظهرت بيوم واحد ، وإن كانت عادتها خمسة عشر يوما فلا استظهار، ثم هي بعد ذلك مستحاضة والاستحاضة ما تمنع العبادة ، ( وللحامل بعد ثلاثة أشهر خمسة عشر يوما ونحوها، وبعد ستة أشهر عشرون ونحوها، فإن تقطع الدم لفقت أياما حتى تكمل عادتها ) يعني بأن الحامل إذا مضى عليها ثلاثة أشهر بعد أن علقت بالحمل ونزل بها الحيض وتمادى بها زيادة على عادتها، فإنها تمكث خمسة عشر يوما ونحوها كالعشرين، وبعد هذا يعتبر استحاضة، وإذا مضى لها ستة أشهر بعد أن علقت بالحمل ونزل بها الحيض واستمر زيادة على عادتها فإنها تمكث عشرين يوما ونحوها كالخمسة والعشرين، ثم هي بعد ذلك مستحاضة، هذا إذا استمر عليها الدم ولم ينقطع فإنها تمكث ما سبق تقريره من الخمسة عشر ونحوها والعشرين ونحوها، فإذا انقطع الدم لفقت أيامه بعضها إلى بعض حتى تكمل عادتها المعلومة على ما تقدر من التفصيل، ثم تصير بعد ذلك مستحاضة . مسألة حيض الحامل من المسائل الخلافية بين العلماء والذي يترجح عندي هو أن الدم الذي تراه الحامل يعتبر استحاضة أو مرضاً أي خللا في وضع الحمل هذا الذي تدل عليه النصوص لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في سبايا أوطاس: "لا توطأ حامل حتى تضع، ولا غير ذات حمل حتى تحيض حيضة" رواه أحمد وأبو داود وغيرهما وصححه الألباني . وجه الدلالة: أنه جعل الحيض دليل براءة الرحم، فلو صح وجوده مع الحمل لانتقضت دلالته في الاستبراء، ولم يكن للفرق الذي جاء في الحديث بينهما معنى. معالم السنن للخطابي 3/225. ولحديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه طلق امرأته وهو حائض فذكر ذلك عمر للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: "مره فليراجعها ثم ليطلقها طاهراً أو حاملاً " رواه مسلم في صحيحه. وجه الدلالة: أنه جعل الحمل علماً على عدم الحيض كما جعل الطهر علماً عليه" المغني لابن قدامة 1/362. ولا يحل للحائض صلاة ولا صوم ولا طواف ولا مس مصحف ، وعليها قضاء الصوم دون الصلاة وعَنْ مُعَاذَةَ قالت: سَألْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ الله عَنْهَا فَقُلْتُ: مَا بالُ الْحَائِضِ تَقْضِي الصَّوْمَ وَلا تَقْضِى الصلاةَ؟ فقالت: أحَرُورِيَّةٌ أنْتِ؟ فَقُلْتُ: لسْتُ بِحَرُورِيَّة. وَلكِنْ أسْألُ. فَقَالَتْ: كَانَ يُصيبُنَا ذلكَ فنؤمَر بِقَضَاءِ الصَّوْم وَلا نُؤمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلاةِ .متفق عليه .وقراءتها للقرآن جائزة ) ،ومنع زوج الحائض من وطئها حال الحيض لما في ذلك من الأذى، لقول الله تعالى: { وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنّ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ } .اللهم إننا نسألك الهدى والتُّقى والعفاف والغِنَى ، اللَّهُمَّ إِنِّنا نسأَلك مُوجبَات رحمتك وعزائم مغفرتك وَالْغنيمَة من كل بر، والسلامة من كل إِثْم اللهم لا تدع لنا ذَنبا إِلَّا غفرته، وَلَا هما إِلَّا فرجته؛ وَلَا حَاجَة هِيَ لَك رضَا إِلَّا قضيتها ويسرتها. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق